القول في تأويل
قوله تعالى : ( إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ( 4 ) )
[ ص: 357 ]
يقول تعالى ذكره للقائلين : لو علمنا أحب الأعمال إلى الله لعملناه حتى نموت : ( إن الله ) أيها القوم (
يحب الذين يقاتلون في سبيله ) كأنهم ، يعني في طريقه ودينه الذي دعا إليه ( صفا ) يعني بذلك أنهم يقاتلون أعداء الله مصطفين .
وقوله : (
كأنهم بنيان مرصوص ) يقول : يقاتلون في سبيل الله صفا مصطفا ، كأنهم في اصطفافهم هنالك حيطان مبنية ، قد رص ، فأحكم وأتقن ، فلا يغادر منه شيئا ، وكان بعضهم يقول : بني بالرصاص .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) ألم تر إلى صاحب البنيان كيف لا يحب أن يختلف بنيانه ، كذلك تبارك وتعالى لا يختلف أمره ، وإن الله وصف المؤمنين في قتالهم وصفهم في صلاتهم ، فعليكم بأمر الله فإنه عصمة لمن أخذ به .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد (
إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) قال : والذين صدقوا قولهم بأعمالهم هؤلاء; قال : وهؤلاء لم يصدقوا قولهم بالأعمال لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم نكصوا عنه وتخلفوا . وكان بعض أهل العلم يقول : إنما قال الله (
إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا ) ليدل على أن القتال راجلا أحب إليه من القتال فارسا ، لأن الفرسان لا يصطفون ، وإنما تصطف الرجالة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
سعيد بن عمرو السكوني ، قال : ثنا
بقية بن الوليد ، عن
[ ص: 358 ] أبي بكر بن أبي مريم ، عن
يحيى بن جابر الطائي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11934أبي بحرية ، قال : كانوا يكرهون القتال على الخيل ، ويستحبون القتال على الأرض ، لقول الله (
إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ) قال : وكان
أبو بحرية يقول : إذا رأيتموني التفت في الصف ، فجئوا في لحيي .