القول في تأويل
قوله تعالى : ( فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون ( 19 )
فأصبحت كالصريم ( 20 ) )
يقول تعالى ذكره : فطرق جنة هؤلاء القوم ليلا طارق من أمر الله وهم نائمون ، ولا يكون الطائف في كلام العرب إلا ليلا ، ولا يكون نهارا ، وقد يقولون : أطفت بها نهارا .
[ ص: 544 ]
وذكر
الفراء أن
أبا الجراح أنشده :
أطفت بها نهارا غير ليل وألهى ربها طلب الرخال
والرخال : هي أولاد الضأن الإناث .
وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
سليمان بن عبد الجبار ، قال : ثنا
محمد بن الصلت ، قال : ثنا
أبو كريب ، عن
قابوس ، عن أبيه ، قال : سألت
ابن عباس ، عن الطوفان (
فطاف عليها طائف من ربك ) قال : هو أمر من أمر الله .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون ) قال : طاف عليها أمر من أمر الله وهم نائمون .
وقوله : (
فأصبحت كالصريم ) اختلف أهل التأويل في الذي عني بالصريم ، فقال بعضهم : عني به الليل الأسود ، وقال بعضهم : معنى ذلك : فأصبحت جنتهم محترقة سوداء كسواد الليل المظلم البهيم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سهل بن عسكر ، قال : ثنا
عبد الرزاق ، قال : ثنا
هشيم ، قال : أخبرنا شيخ لنا عن شيخ من
كلب يقال له :
سليمان عن
ابن عباس ، في قوله : (
فأصبحت كالصريم ) قال : الصريم : الليل .
[ ص: 545 ]
قال : وقال في ذلك
أبو عمرو بن العلاء رحمه الله .
ألا بكرت وعاذلتي تلوم تهجدني وما انكشف الصريم
وقال أيضا :
تطاول ليلك الجون البهيم فما ينجاب عن صبح صريم
إذا ما قلت أقشع أو تناهى جرت من كل ناحية غيوم
وقال آخرون : بل معنى ذلك : فأصبحت كأرض تدعى الصريم ، معروفة بهذا الاسم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
ابن ثور ، عن
معمر ، قال : أخبرني
نعيم بن عبد الرحمن أنه سمع
سعيد بن جبير يقول : هي أرض
باليمن يقال لها ضروان من
صنعاء على ستة أميال .