القول في تأويل
قوله تعالى : ( عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون ( 32 )
كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ( 33 ) )
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل أصحاب الجنة : (
عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها ) بتوبتنا من خطأ فعلنا الذي سبق منا خيرا من جنتنا (
إنا إلى ربنا راغبون ) يقول : إنا إلى ربنا راغبون في أن يبدلنا من جنتنا إذ هلكت خيرا منها .
قوله تعالى ذكره (
كذلك العذاب ) يقول جل ثناؤه : كفعلنا بجنة أصحاب الجنة ، إذ أصبحت كالصريم بالذي أرسلنا عليها من البلاء والآفة المفسدة - فعلنا بمن خالف أمرنا وكفر برسلنا في عاجل الدنيا ، (
ولعذاب الآخرة أكبر ) يعني : عقوبة الآخرة
[ ص: 552 ] بمن عصى ربه وكفر به ، أكبر يوم القيامة من عقوبة الدنيا وعذابها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) يعني بذلك عذاب الدنيا .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قال الله : (
كذلك العذاب ) : أي عقوبة الدنيا (
ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
كذلك العذاب ) قال : عذاب الدنيا : هلاك أموالهم : أي عقوبة الدنيا .
وقوله : (
لو كانوا يعلمون ) يقول : لو كان هؤلاء المشركون يعلمون أن عقوبة الله لأهل الشرك به أكبر من عقوبته لهم في الدنيا ، لارتدعوا وتابوا وأنابوا ، ولكنهم بذلك جهال لا يعلمون .