القول في تأويل
قوله تعالى : ( فلا أقسم بما تبصرون ( 38 )
وما لا تبصرون ( 39 )
إنه لقول رسول كريم ( 40 )
وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ( 41 )
ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون ( 42 ) )
يقول تعالى ذكره : فلا ، ما الأمر كما تقولون معشر أهل التكذيب بكتاب الله ورسله ، أقسم بالأشياء كلها التي تبصرون منها ، والتي لا تبصرون .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد في قوله :
[ ص: 592 ] (
فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون ) قال : أقسم بالأشياء ، حتى أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، في قوله : (
فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون ) يقول : بما ترون وبما لا ترون .
وقوله : (
إنه لقول رسول كريم ) يقول تعالى ذكره : إن هذا القرآن لقول رسول كريم ، وهو
محمد صلى الله عليه وسلم يتلوه عليهم .
وقوله : (
وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ) يقول جل ثناؤه : ما هذا القرآن بقول شاعر; لأن
محمدا لا يحسن قيل الشعر ، فتقولوا هو شعر ، (
قليلا ما تؤمنون ) يقول : تصدقون قليلا به أنتم ، وذلك خطاب من الله لمشركي قريش ، (
ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون ) يقول : ولا هو بقول كاهن ، لأن
محمدا ليس بكاهن ، فتقولوا : هو من سجع الكهان ، (
قليلا ما تذكرون ) يقول : تتعظون به أنتم ، قليلا ما تعتبرون به .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ) : طهره الله من ذلك وعصمه ، (
ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون ) ، طهره الله من الكهانة ، وعصمه منها .