[ ص: 566 ] [ ص: 567 ] [ ص: 568 ] [ ص: 569 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل الحاقة ( 1 ) قوله تعالى : ( ما الحاقة ( 2 ) وما أدراك ما الحاقة ( 3 ) كذبت ثمود وعاد بالقارعة ( 4 ) )
يقول تعالى ذكره : الساعة ( الحاقة ) التي تحق فيها الأمور ، ويجب فيها الجزاء على الأعمال ( ما الحاقة ) يقول : أي الساعة الحاقة .
وذكر عن العرب أنها تقول لما عرف : الحاقة متى والحقة متى ، وبالكسر . بمعنى واحد في اللغات الثلاث ، وتقول : وقد حق عليه الشيء : إذا وجب ، فهو يحق حقوقا .
والحاقة الأولى مرفوعة بالثانية ، لأن الثانية بمنزلة الكناية عنها ، كأنه عجب منها ، فقال : ( الحاقة ) : ما هي ، كما يقال : زيد ما زيد .
والحاقة الثانية مرفوعة ب "ما" و "ما" بمعنى أي ، و "ما" رفع بالحاقة الثانية ، ومثله في القرآن : ( وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين ) و ( القارعة ما القارعة ) ، ف "ما" في موضع رفع بالقارعة الثانية ، والأولى بجملة الكلام بعدها .
وبنحو الذي قلنا في قوله : ( الحاقة ) قال أهل التأويل
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ( الحاقة ) قال : من أسماء يوم القيامة ، عظمه الله ، وحذره عباده .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن شريك ، عن جابر ، عن عكرمة قال : ( الحاقة ) القيامة .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( الحاقة ) يعني : الساعة أحقت لكل عامل عمله .
حدثني ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( الحاقة ) قال : أحقت لكل قوم أعمالهم . [ ص: 570 ]
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( الحاقة ) يعني : القيامة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( الحاقة ما الحاقة ) و ( القارعة ما القارعة ) والواقعة ، والطامة ، والصاخة ، قال : هذا كله يوم القيامة ، الساعة ، وقرأ قول الله : ( ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة ) والخافضة من هؤلاء أيضا خفضت أهل النار ، ولا نعلم أحدا أخفض من أهل النار ، ولا أذل ولا أخزى; ورفعت أهل الجنة ، ولا نعلم أحدا أشرف من أهل الجنة ولا أكرم .
وقوله : ( وما أدراك ما الحاقة ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وأي شيء أدراك وعرفك أي شيء الحاقة .
كما حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان قال : ما في القرآن : "وما يدريك" فلم يخبره ، وما كان : "وما أدراك" فقد أخبره .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( وما أدراك ما الحاقة ) تعظيما ليوم القيامة كما تسمعون .
وقوله : ( كذبت ثمود وعاد بالقارعة ) يقول تعالى ذكره : كذبت ثمود قوم صالح ، وعاد قوم هود بالساعة ، التي تقرع قلوب العباد فيها بهجومها عليهم . والقارعة أيضا : اسم من أسماء القيامة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( كذبت ثمود وعاد بالقارعة ) ، أي بالساعة .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( كذبت ثمود وعاد بالقارعة ) قال : القارعة : يوم القيامة .