القول في تأويل
قوله تعالى : ( والذين في أموالهم حق معلوم [ ص: 613 ] ( 24 )
للسائل والمحروم ( 25 )
والذين يصدقون بيوم الدين ( 26 )
والذين هم من عذاب ربهم مشفقون ( 27 )
إن عذاب ربهم غير مأمون ( 28 ) )
يقول تعالى ذكره : وإلا الذين في أموالهم حق مؤقت ، وهو الزكاة ، للسائل الذي يسأله من ماله ، والمحروم الذي قد حرم الغنى ، فهو فقير لا يسأل .
واختلف أهل التأويل في المعني بالحق المعلوم الذي ذكره الله في هذا الموضع ، فقال بعضهم : هو الزكاة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الأعلى ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، في قوله : (
والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) قال : الحق المعلوم : الزكاة .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
والذين في أموالهم حق معلوم ) : قال : الزكاة المفروضة .
وقال آخرون : بل ذلك حق سوى الزكاة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس في قوله : (
والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) يقول : هو سوى الصدقة ، يصل بها رحمه ، أو يقري بها ضيفا ، أو يحمل بها كلا ، أو يعين بها محروما .
حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، عن
شعبة ، عن
أبي يونس ، عن
رباح بن عبيدة ، عن
قزعة ، أن
ابن عمر سئل عن قوله : (
والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) أهي الزكاة؟ فقال : إن عليك حقوقا سوى ذلك .
حدثنا
أبو هشام الرفاعي ، قال : ثنا
ابن فضيل ، قال : ثنا
بيان ، عن
الشعبي ، قال : إن في المال حقا سوى الزكاة .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
الأعمش ، عن
إبراهيم ، قال : في المال حق سوى الزكاة .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
مجاهد : (
في أموالهم حق معلوم ) قال : سوى الزكاة ، وأجمعوا على أن السائل هو الذي وصفت صفته .
[ ص: 614 ]
واختلفوا أيضا في معنى المحروم في هذا الموضع ، نحو اختلافهم فيه في الذاريات ، وقد ذكرنا ما قالوا فيه هنالك ، ودللنا على الصحيح منه عندنا ، غير أنا نذكر بعض ما لم نذكر من الأخبار هنالك .
ذكر من قال : هو المحارف .
حدثني
يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا
هشيم ، قال : أخبرنا
الحجاج ، عن
الوليد بن العيزار ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس أنه قال : المحروم : هو المحارف .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=14429مسلم بن خالد ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، عن
ابن عباس ، قال : المحروم : المحارف .
حدثنا
سهل بن موسى الرازي ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
قيس بن كركم ، عن
ابن عباس قال : (
للسائل والمحروم ) : المحارف الذي ليس له في الإسلام نصيب .
قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
قيس بن كركم ، عن
ابن عباس أنه قال : المحروم المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم .
حدثنا
حميد بن مسعدة ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع ، قال : ثنا
شعبة ، عن
أبي إسحاق ، عن
قيس بن كركم ، عن
ابن عباس ، في هذه الآية (
للسائل والمحروم ) قال : السائل الذي يسأل ، والمحروم : المحارف .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
محمد بن جعفر ، قال : ثنا
شعبة ، قال : سمعت
أبا إسحاق يحدث عن
قيس بن كركم ، عن
ابن عباس أنه قال في هذه الآية (
للسائل والمحروم ) قال : السائل : الذي يسأل والمحروم : المحارف .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
قيس بن كركم ، قال : سألت
ابن عباس ، عن قوله : (
للسائل والمحروم ) قال : السائل : الذي يسأل ، والمحروم : المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم .
حدثني
محمد بن عمر بن علي المقدمي ، قال : ثنا
قريش بن أنس ، عن
سليمان ، [ ص: 615 ] عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : المحروم : المحارف .
حدثنا
ابن بشار وابن المثنى ، قالا ثنا
قريش ، عن
سليمان ، عن
قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، مثله .
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
هشيم ، عن
أبي بشر ، قال : سألت
سعيد بن جبير ، عن
المحروم ، فلم يقل فيه شيئا; قال : وقال
عطاء : هو المحدود المحارف .
حدثنا
ابن حميد ، ثنا
مهران عن
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
قيس بن كركم ، عن
ابن عباس ، قال : السائل : الذي يسأل الناس ، والمحروم : الذي لا سهم له في الإسلام ، وهو محارف من الناس .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قال : المحروم : الذي لا يهدى له شيء وهو محارف .
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قال : المحروم : هو المحارف الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه ، فلا يسأل الناس .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
محمد بن جعفر ، قال : ثنا
شعبة ، عن
منصور ، عن
إبراهيم ، قال في المحروم : هو المحارف الذي ليس له أحد يعطف عليه ، أو يعطيه شيئا .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
حكام ، قال : ثنا
عمرو ، عن
منصور ، عن
إبراهيم ، قال : المحروم : الذي لا فيء له في الإسلام ، وهو محارف في الناس .
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، قال : أخبرنا
أيوب ، عن
نافع : المحروم : هو المحارف .
وقال آخرون : هو الذي لا سهم له في الغنيمة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : ثنا
محمد بن جعفر ، قال : ثنا
شعبة ، عن
الحكم ، عن
إبراهيم أن ناسا قدموا على
علي رضي الله عنه
الكوفة بعد وقعة الجمل ، فقال : اقسموا لهم ، وقال : هذا المحروم .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
منصور ، عن
إبراهيم ، قال : المحروم : المحارف الذي ليس له في الغنيمة شيء .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
منصور ، عن
إبراهيم ، مثله .
[ ص: 616 ]
قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
قيس بن مسلم الجدلي ، عن
الحسن بن محمد ابن الحنفية nindex.php?page=hadith&LINKID=812657أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية ، فغنموا ، وفتح عليهم ، فجاء قوم لم يشهدوا ، فنزلت : ( في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) يعني : هؤلاء .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم ، عن
الحسن بن محمد ، nindex.php?page=hadith&LINKID=812793أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية ، فغنموا ، فجاء قوم لم يشهدوا الغنائم ، فنزلت : ( في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
يحيى بن أبي زائدة ، عن
سفيان ، عن
قيس بن مسلم الجدلي ، عن
الحسن بن محمد ، قال : بعثت سرية فغنموا ، ثم جاء قوم من بعدهم ، قال : فنزلت (
للسائل والمحروم ) .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
أبو نعيم ، عن
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم ، عن
الحسن بن محمد "
nindex.php?page=hadith&LINKID=812658أن قوما في زمان النبي صلى الله عليه وسلم أصابوا غنيمة ، فجاء قوم بعد ، فنزلت : ( في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) " .
وقال آخرون : هو الذي لا ينمى له مال .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
أبو السائب ، قال : ثنا
ابن إدريس ، عن
حصين ، قال : سألت
عكرمة عن السائل والمحروم ، قال : السائل : الذي يسألك ، والمحروم : الذي لا ينمى له مال .
وقال آخرون : هو الذي قد اجتيح ماله .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17282وهب بن جرير ، قال : أخبرنا
شعبة ، عن
عاصم ، عن
أبي قلابة ، قال : جاء سيل باليمامة ، فذهب بمال رجل ، فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : هذا المحروم .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
والمحروم ) قال : المحروم : المصاب ثمره وزرعه ، وقرأ : (
أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه ) حتى بلغ (
محرومون ) وقال أصحاب الجنة : (
إنا لضالون بل نحن محرومون ) .
وقال
الشعبي ما حدثني به
يعقوب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
ابن عون ، قال : قال
الشعبي : أعياني أن أعلم ما المحروم .
[ ص: 617 ]
وقال
قتادة ، ما حدثني به
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الأعلى ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، في قوله : (
للسائل والمحروم ) قال : السائل : الذي يسأل بكفه ، والمحروم : المتعفف ، ولكليهما عليك حق يا ابن آدم .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
للسائل والمحروم ) وهو سائل يسألك في كفه ، وفقير متعفف لا يسأل الناس ، ولكليهما عليك حق .
وقوله : (
والذين يصدقون بيوم الدين ) يقول : وإلا الذين يقرون بالبعث يوم البعث والمجازاة .
وقوله : (
والذين هم من عذاب ربهم مشفقون ) يقول : والذين هم في الدنيا من عذاب ربهم وجلون أن يعذبهم في الآخرة ، فهم من خشية ذلك لا يضيعون له فرضا ، ولا يتعدون له حدا .
وقوله : (
إن عذاب ربهم غير مأمون ) أن ينال من عصاه وخالف أمره .