[ ص: 499 ] [ ص: 500 ] [ ص: 501 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله جل جلاله وتقدست أسماؤه : (
والتين والزيتون ( 1 )
وطور سينين ( 2 )
وهذا البلد الأمين ( 3 )
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ( 4 )
ثم رددناه أسفل سافلين ( 5 )
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ( 6 ) ) .
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : (
والتين والزيتون ) فقال بعضهم : عني بالتين : التين الذي يؤكل ، والزيتون : الزيتون الذي يعصر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
روح ، قال : ثنا
عوف ، عن
الحسن ، في قول الله : (
والتين والزيتون ) قال : تينكم هذا الذي يؤكل ، وزيتونكم هذا الذي يعصر .
حدثني
يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا
المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت
الحكم يحدث ، عن
عكرمة ، قال : التين : هو التين ، والزيتون : الذي تأكلون .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953يحيى بن واضح ، قال : ثنا
الحسين ، عن
يزيد ، عن
عكرمة (
والتين والزيتون ) قال : تينكم وزيتونكم .
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
أبي رجاء ، قال : سئل
عكرمة عن قوله : (
والتين والزيتون ) قال : التين : تينكم هذا ، والزيتون : زيتونكم هذا .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
مؤمل ، قال : ثنا
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قوله : (
والتين والزيتون ) قال : التين الذي يؤكل ، والزيتون : الذي يعصر .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، [ ص: 502 ] عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، وحدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، جميعا عن
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، في قول الله (
والتين والزيتون ) قال : الفاكهة التي تأكل الناس .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11820سلام بن سليم ، عن
خصيف ، عن
مجاهد (
والتين والزيتون ) قال : هو تينكم وزيتونكم .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
مؤمل ، قال : ثنا
سفيان ، عن
حماد ، عن
إبراهيم ، في قوله : (
والتين والزيتون ) قال : التين الذي يؤكل ، والزيتون الذي يعصر .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال :
ثنا ابن ثور ، عن
معمر ، عن
الكلبي (
والتين والزيتون ) هو الذي ترون .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قال : قال
الحسن ، في قوله : (
والتين والزيتون ) : التين تينكم ، والزيتون زيتونكم هذا .
وقال آخرون : التين :
مسجد دمشق ، والزيتون :
بيت المقدس .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
روح ، قال : ثنا
عوف ، عن
يزيد أبي عبد الله ، عن
كعب أنه قال في قول الله : (
والتين والزيتون ) قال : التين : مسجد
دمشق ، والزيتون :
بيت المقدس .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال :
ثنا ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، في قوله : ( والتين ) قال : الجبل الذي عليه
دمشق ( والزيتون ) : الذي عليه
بيت المقدس .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
والتين والزيتون ) ذكر لنا أن التين الجبل الذي عليه
دمشق ، والزيتون : الذي عليه
بيت المقدس .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، وسألته عن قول الله : (
والتين والزيتون ) قال : التين :
مسجد دمشق ، والزيتون ،
مسجد إيلياء .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
أبي بكر ، عن
عكرمة (
والتين والزيتون )
[ ص: 503 ] قال : هما جبلان .
وقال آخرون : التين :
مسجد نوح ، والزيتون :
مسجد بيت المقدس .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
والتين والزيتون ) يعني
مسجد نوح الذي بني على
الجودي ، والزيتون :
بيت المقدس ; قال : ويقال : التين والزيتون
وطور سينين : ثلاثة مساجد
بالشام .
والصواب من القول في ذلك عندنا : قول من قال : التين : هو التين الذي يؤكل ، والزيتون : هو الزيتون الذي يعصر منه الزيت ؛ لأن ذلك هو المعروف عند العرب ، ولا يعرف جبل يسمى تينا ، ولا جبل يقال له زيتون ، إلا أن يقول قائل : أقسم ربنا جل ثناؤه بالتين والزيتون . والمراد من الكلام : القسم بمنابت التين ، ومنابت الزيتون ، فيكون ذلك مذهبا ، وإن لم يكن على صحة ذلك أنه كذلك دلالة في ظاهر التنزيل ، ولا من قول من لا يجوز خلافه ؛ لأن
دمشق بها منابت التين ،
وبيت المقدس منابت الزيتون .
وقوله : ( وطور سينين ) اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : هو جبل
موسى بن عمران صلوات الله وسلامه عليه ومسجده .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17105معاذ بن هشام ، قال : ثني أبي ، عن
قتادة ، عن
قزعة ، قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر : إني أريد أن آتي
بيت المقدس (
وطور سينين ) فقال : لا تأت
طور سينين ، ما تريدون أن تدعوا أثر نبي إلا وطئتموه . قال
قتادة (
وطور سينين ) :
مسجد موسى صلى الله عليه وسلم .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
روح ، قال : ثنا
عوف ، عن
الحسن ، في قوله :
( طور سينين ) قال : جبل
موسى .
قال : ثنا
عوف ، عن
يزيد أبي عبد الله ، عن
كعب ، في قوله : (
وطور سينين ) قال :
جبل موسى صلى الله عليه وسلم .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
وطور سينين ) قال : هو الطور .
[ ص: 504 ]
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
وطور سينين ) قال : مسجد الطور .
وقال آخرون : الطور : هو كل جبل ينبت . وقوله ( سينين ) : حسن .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
عمران بن موسى القزاز ، قال : ثنا
عبد الوارث بن سعيد ، قال : ثنا
عمارة ، عن
عكرمة ، في قوله : (
وطور سينين ) قال : هو
الحسن ، وهي لغة الحبشة ، يقولون للشيء الحسن : سينا سينا .
حدثنا
يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
أبي رجاء ، قال : سئل
عكرمة ، عن قوله (
وطور سينين ) قال : طور : جبل ، وسينين : حسن بالحبشية .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
الصباح بن محارب ، عن
سفيان ، عن
أبي إسحاق ، عن
عمرو بن ميمون ، قال : صليت خلف
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه المغرب ، فقرأ في أول ركعة (
والتين والزيتون وطور سينين ) قال : هو جبل .
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
المعتمر ، قال : سمعت
الحكم يحدث ، عن
عكرمة (
وطور سينين ) قال : سواء على نبات السهل والجبل .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
وطور سينين ) قال : الجبل .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
مؤمل ، قال : ثنا
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
وطور سينين ) : جبل .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
وطور سينين ) الجبل .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
النضر ، عن
عكرمة ، قال : الطور : الجبل ، والسينين :
الحسن ، كما ينبت في السهل ، كذلك ينبت في الجبل .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال :
ثنا ابن ثور ، عن
معمر ، عن
الكلبي ، أما ( طور سينين ) فهو الجبل ذو الشجر .
[ ص: 505 ]
وقال آخرون : هو الجبل ، وقالوا : سينين : مبارك حسن .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ( وطور ) : الجبل و ( سينين ) قال : المبارك .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
وطور سينين ) قال : جبل مبارك
بالشام .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال :
ثنا ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
وطور سينين ) قال : جبل
بالشام ، مبارك حسن .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : قول من قال : طور سينين : جبل معروف ؛ لأن الطور هو الجبل ذو النبات ، فإضافته إلى سينين تعريف له ، ولو كان نعتا للطور ، كما قال من قال معناه حسن أو مبارك ، لكان الطور منونا ، وذلك أن الشيء لا يضاف إلى نعته ، لغير علة تدعو إلى ذلك .
وقوله : ( وهذا البلد الأمين ) يقول : وهذا البلد الآمن من أعدائه أن يحاربوا أهله ، أو يغزوهم . وقيل : الأمين ، ومعناه : الآمن ، كما قال الشاعر :
ألم تعلمي يا أسم ويحك أنني حلفت يمينا لا أخون أميني
يريد : آمني ، وهذا كما قال جل ثناؤه : (
أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم ) .
وإنما عني بقوله : (
وهذا البلد الأمين ) :
مكة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
وهذا البلد الأمين ) قال :
مكة .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
روح ، قال : ثنا
عوف ، عن
يزيد أبي عبد الله ، [ ص: 506 ] عن
كعب ، في قول الله (
وهذا البلد الأمين ) قال : البلد الحرام .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
روح ، قال : ثنا
عوف ، عن
الحسن ، في قوله (
وهذا البلد الأمين ) قال : البلد الحرام .
قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ; وحدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ; وحدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
وهذا البلد الأمين ) قال :
مكة .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
مؤمل ، عن
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11820سلام بن سليم ، عن
خصيف ، عن
مجاهد : (
وهذا البلد الأمين ) :
مكة .
حدثنى
يعقوب ، قال : ثنا
المعتمر ، قال : سمعت
الحكم يحدث عن
عكرمة (
وهذا البلد الأمين ) : قال : البلد الحرام .
قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
أبي رجاء ، قال : سئل
عكرمة ، عن قوله (
وهذا البلد الأمين ) قال :
مكة .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
وهذا البلد الأمين ) يعني :
مكة .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
وهذا البلد الأمين ) قال :
المسجد الحرام .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
مؤمل ، قال : ثنا
سفيان ، عن
حماد ، عن
إبراهيم (
وهذا البلد الأمين ) :
مكة .
وقوله : (
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) وهذا جواب القسم ، يقول تعالى ذكره : والتين والزيتون ، لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم .
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قال : وقع القسم هاهنا (
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )
[ ص: 507 ] فقال بعضهم : معناه : في أعدل خلق ، وأحسن صورة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
حكام ، عن
عمرو ، عن
عاصم ، عن
أبي رزين ، عن
ابن عباس (
في أحسن تقويم ) قال : في أعدل خلق .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
مؤمل ، قال : ثنا
سفيان ، عن
حماد ، عن
إبراهيم (
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) قال : في أحسن صورة .
قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
حماد ، عن
إبراهيم ، مثله .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
حماد ، عن
إبراهيم (
في أحسن تقويم ) قال : خلق .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
حماد ، عن
إبراهيم (
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) قال : في أحسن صورة .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
أبي جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية (
في أحسن تقويم ) يقول : في أحسن صورة .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
مؤمل ، قال : ثنا
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
في أحسن تقويم ) : في أحسن صورة .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) قال : أحسن خلق .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله (
في أحسن تقويم ) قال : في أحسن خلق .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
في أحسن تقويم ) يقول : في أحسن صورة .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال :
ثنا ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، هو
والكلبي (
في أحسن تقويم ) قالا : في أحسن صورة .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : لقد خلقنا الإنسان ، فبلغنا به استواء شبابه وجلده وقوته ، وهو أحسن ما يكون ، وأعدل ما يكون وأقومه .
[ ص: 508 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
المعتمر ، قال : سمعت
الحكم يحدث ، عن
عكرمة ، في قوله : (
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) قال : الشاب القوي الجلد .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) قال : شبابه أول ما نشأ .
وقال آخرون : قيل ذلك ؛ لأنه ليس شيء من الحيوان إلا وهو منكب على وجهه غير الإنسان .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، قال : ثنا
ابن أبي عدي ، عن داود ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس (
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) قال :
خلق كل شيء منكبا على وجهه إلا الإنسان .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : أن يقال : إن معنى ذلك : لقد خلقنا الإنسان في أحسن صورة وأعدلها ; لأن قوله : (
أحسن تقويم ) إنما هو نعت لمحذوف ، وهو في تقويم أحسن تقويم ، فكأنه قيل : لقد خلقناه في تقويم أحسن تقويم .
وقوله : ( ثم رددناه أسفل سافلين ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : ثم رددناه إلى أرذل العمر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
ابن أبي عدي ، عن
داود ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس (
ثم رددناه أسفل سافلين ) قال : إلى أرذل العمر .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15738حكام بن سلم ، عن
عمرو ، عن
عاصم ، عن
أبي رزين ، عن
ابن عباس (
ثم رددناه أسفل سافلين ) قال : إلى أرذل العمر .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس (
ثم رددناه أسفل سافلين ) يقول : يرد إلى أرذل العمر ، كبر حتى ذهب عقله ، وهم نفر ردوا إلى أرذل العمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سفهت عقولهم ، فأنزل الله عذرهم أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم .
[ ص: 509 ]
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
أبي رجاء ، قال : سئل
عكرمة ، عن قوله : (
ثم رددناه أسفل سافلين ) قال : ردوا إلى أرذل العمر .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
مؤمل وعبد الرحمن ، قالا : ثنا
سفيان ، عن
حماد ، عن
إبراهيم ، في قوله : (
ثم رددناه أسفل سافلين ) قال : إلى أرذل العمر .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
حماد ، عن
إبراهيم ، مثله .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
حماد ، عن
إبراهيم ، مثله .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال :
ثنا ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
ثم رددناه أسفل سافلين ) قال : رددناه إلى الهرم .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قال : الهرم .
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
المعتمر ، قال : سمعت
الحكم يحدث ، عن
عكرمة (
ثم رددناه أسفل سافلين ) قال : الشيخ الهرم ، لم يضره كبره إن ختم الله له بأحسن ما كان يعمل .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ثم رددناه إلى النار في أقبح صورة .
ذكر من قال ذلك .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11960أبي جعفر الرازي ، عن
الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية (
ثم رددناه أسفل سافلين ) قال : في شر صورة في صورة خنزير .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
ثم رددناه أسفل سافلين ) قال : النار .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قال : إلى النار .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قال : في النار .
قال : ثنا
مؤمل ، قال : ثنا
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قال : إلى النار .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
ثم رددناه أسفل سافلين ) قال : قال
الحسن : جهنم مأواه .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال :
ثنا ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة ، قال :
[ ص: 510 ] قال
الحسن ، في قوله : (
ثم رددناه أسفل سافلين ) قال : في النار .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
ثم رددناه أسفل سافلين ) قال : إلى النار .
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصحة ، وأشبهها بتأويل الآية ، قول من قال : معناه : ثم رددناه إلى أرذل العمر ، إلى عمر الخرفى ؛ الذين ذهبت عقولهم من الهرم والكبر ، فهو في أسفل من سفل في إدبار العمر وذهاب العقل .
وإنما قلنا : هذا القول أولى بالصواب في ذلك ; لأن الله تعالى ذكره ، أخبر عن خلقه ابن آدم ، وتصريفه في الأحوال ، احتجاجا بذلك على منكري قدرته على البعث بعد الموت ، ألا ترى أنه يقول : (
فما يكذبك بعد بالدين ) يعني : بعد هذه الحجج .
ومحال أن يحتج على قوم كانوا منكرين معنى من المعاني بما كانوا له منكرين . وإنما الحجة على كل قوم بما لا يقدرون على دفعه ، مما يعاينونه ويحسونه ، أو يقرون به ، وإن لم يكونوا له محسين .
وإذ كان ذلك كذلك ، وكان القوم للنار - التي كان الله يتوعدهم بها في الآخرة - منكرين ، وكانوا لأهل الهرم والخرف من بعد الشباب والجلد شاهدين ، علم أنه إنما احتج عليهم بما كانوا له معاينين ، من تصريفه خلقه ، ونقله إياهم من حال التقويم الحسن والشباب والجلد إلى الهرم والضعف وفناء العمر ، وحدوث الخرف .
وقوله : (
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) اختلف أهل التأويل في معنى هذا الاستثناء ، فقال بعضهم : هو استثناء صحيح من قوله (
ثم رددناه أسفل سافلين ) قالوا : وإنما جاز استثناء الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وهم جمع من الهاء في قوله (
ثم رددناه ) وهي كناية الإنسان ، والإنسان في لفظ واحد ؛ لأن الإنسان وإن كان في لفظ واحد ، فإنه في معنى الجمع ؛ لأنه بمعنى الجنس ، كما قيل : (
والعصر إن الإنسان لفي خسر ) قالوا : وكذلك جاز أن يقال : (
ثم رددناه أسفل سافلين ) فيضاف أفعل إلى جماعة ، وقالوا : ولو كان مقصودا به قصد واحد بعينه ، لم يجز ذلك ، كما لا يقال : هذا أفضل قائمين ، ولكن يقال : هذا أفضل قائم
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
حكام ، عن
سعيد بن سابق ، عن
عاصم الأحول ، [ ص: 511 ] عن
عكرمة ، قال : من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر ، ثم قرأ : (
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) قال : لا يكون حتى لا يعلم من بعد علم شيئا ، فعلى هذا التأويل قوله : (
ثم رددناه أسفل سافلين ) لخاص من الناس غير داخل فيهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات ؛ لأنه مستثنى منهم .
وقال آخرون : بل الذين آمنوا وعملوا الصالحات قد يدخلون في الذين ردوا إلى أسفل سافلين ؛ لأن أرذل العمر قد يرد إليه المؤمن والكافر . قالوا : وإنما استثنى قوله : (
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) من معنى مضمر في قوله : (
ثم رددناه أسفل سافلين ) قالوا : ومعناه : ثم رددناه أسفل سافلين ، فذهبت عقولهم وخرفوا ، وانقطعت أعمالهم ، فلم تثبت لهم بعد ذلك حسنة (
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) فإن الذي كانوا يعملونه من الخير ، في حال صحة عقولهم ، وسلامة أبدانهم ، جار لهم بعد هرمهم وخرفهم .
وقد يحتمل أن يكون قوله : (
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) استثناء منقطعا ؛ لأنه يحسن أن يقال : ثم رددناه أسفل سافلين ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، لهم أجر غير ممنون ، بعد أن يرد أسفل سافلين .
ذكر من قال معنى هذا القول :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166ابن المثنى ، قال : ثنا
ابن أبي عدي ، عن
داود ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس (
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ) قال : فأيما رجل كان يعمل عملا صالحا وهو قوي شاب ، فعجز عنه ، جرى له أجر ذلك العمل حتى يموت .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثنى أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس : (
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ) يقول : إذا كان يعمل بطاعة الله في شبيبته كلها ، ثم كبر حتى ذهب عقله ، كتب له مثل عمله الصالح الذي كان يعمل في شبيبته ، ولم يؤاخذ بشيء مما عمل في كبره ، وذهاب عقله من أجل أنه مؤمن ، وكان يطيع الله في شبيبته .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
مؤمل ، قال : ثنا
سفيان ، عن
حماد ، عن
إبراهيم ، في قوله : (
ثم رددناه أسفل سافلين ) قال : إلى أرذل العمر ، فإذا بلغ المؤمن إلى أرذل العمر ، كتب له كأحسن ما كان يعمل في شبابه وصحته ، فهو قوله :
[ ص: 512 ] (
فلهم أجر غير ممنون ) .
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
عبد الرحمن ، قال : ثنا
سفيان ، عن
حماد ، عن
إبراهيم (
ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) فإنه يكتب له من الأجر مثل ما كان يعمل في الصحة .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان ، عن
إبراهيم ، مثله .
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
حماد ، عن
إبراهيم (
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) قال : إذا بلغ من الكبر ما يعجز عن العمل ، كتب له ما كان يعمل .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : (
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) فإنه يكتب لهم حسناتهم ويتجاوز لهم عن سيئاتهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
حكام ، عن
عمرو ، عن
عاصم ، عن
أبي رزين عن
ابن عباس (
ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) قال : هم الذين أدركهم الكبر ، لا يؤاخذون بعمل عملوه في كبرهم ، وهم هرمى لا يعقلون .
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن
أبي رجاء ، قال : سئل
عكرمة ، عن قوله : (
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون ) قال : يوفيه الله أجره أو عمله ، ولا يؤاخذه إذا رد إلى أرذل العمر .
حدثني
يعقوب ، قال : ثنا
المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت
الحكم يحدث ، عن
عكرمة (
ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) قال : الشيخ الهرم لم يضره كبره إن ختم الله له بأحسن ما كان يعمل .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال :
ثنا ابن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) قال : من أدركه الهرم ، وكان يعمل صالحا ، كان له مثل أجره إذا كان يعمل .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : ثم رددناه أسفل سافلين في جهنم ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فلهم أجر غير ممنون ، فعلى هذا التأويل : إلا الذين آمنوا
[ ص: 513 ] وعملوا الصالحات مستثنون من الهاء في قوله : (
ثم رددناه ) ، وجاز استثناؤهم منها إذ كانت كناية للإنسان ، وهو بمعنى الجمع ، كما قال : (
إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ; وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا ) : إلا من آمن .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال :
ثنا ابن ثور ، عن
معمر ، قال : قال
الحسن ، في قوله : (
ثم رددناه أسفل سافلين ) : في النار (
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) قال
الحسن : هي كقوله : (
والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) .
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصحة ، قول من قال : معناه : ثم رددناه إلى أرذل العمر ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات في حال صحتهم وشبابهم ، فلهم أجر غير ممنون بعد هرمهم ، كهيئة ما كان لهم من ذلك على أعمالهم ، في حال ما كانوا يعملون وهم أقوياء على العمل .
وإنما قلنا ذلك أولى بالصحة لما وصفنا من الدلالة على صحة القول بأن تأويل قوله : (
ثم رددناه أسفل سافلين ) إلى أرذل العمر .
اختلفوا في تأويل قوله : (
غير ممنون ) فقال بعضهم : معناه : لهم أجر غير منقوص .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
علي ، قال : ثنا
أبو صالح ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، في قوله : (
فلهم أجر غير ممنون ) يقول : غير منقوص .
وقال آخرون : بل معناه : غير محسوب .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
أبو كريب ، قال : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد (
فلهم أجر غير ممنون ) : غير محسوب .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
[ ص: 514 ]
حدثنا
ابن بشار ، قال : ثنا
مؤمل ، قال : ثنا
سفيان ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
فلهم أجر غير ممنون ) قال : غير محسوب .
قال : ثنا
سفيان ، عن
حماد ، عن
إبراهيم (
فلهم أجر غير ممنون ) قال : غير محسوب .
وقد قيل : إن معنى ذلك : فلهم أجر غير مقطوع .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : قول من قال : فلهم أجر غير منقوص ، كما كان له أيام صحته وشبابه ، وهو عندي من قولهم : جبل منين : إذا كان ضعيفا ; ومنه قول الشاعر :
أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية ما في عطائهم من ولا سرف
يعني : أنه ليس فيه نقص ، ولا خطأ .