وفي أخرى " قتات " وهو مثل الأول ، فالقتات هو النمام وهو بفتح القاف وتشديد التاء المثناة من فوق ، وقال الجوهري وغيره : يقال : نم الحديث ينمه وينمه بكسر النون وضمها نما ، والرجل نمام ونم وقته يقته بضم القاف قتا قال العلماء : النميمة نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم .
قال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=14847أبو حامد الغزالي - رحمه الله - في الإحياء : اعلم أن النميمة إنما تطلق في الأكثر على من ينم قول الغير إلى المقول فيه ، كما تقول : فلان يتكلم فيك بكذا ، قال : وليست النميمة مخصوصة بهذا بل حد النميمة كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه ، أو المنقول إليه ، أو ثالث ، وسواء كان الكشف بالكناية أو بالرمز أو بالإيماء ، فحقيقة النميمة إفشاء السر ، وهتك الستر عما يكره كشفه ، فلو رآه يخفي مالا لنفسه فذكره فهو نميمة ، قال : وكل من حملت إليه نميمة ، وقيل له : فلان يقول فيك ، أو يفعل فيك كذا ، فعليه ستة أمور :
الأول : ألا يصدقه لأن النمام فاسق .
الثاني : أن ينهاه عن ذلك ، وينصحه ويقبح له فعله .
الثالث : أن يبغضه في الله تعالى فإنه بغيض عند الله تعالى ، ويجب بغض من أبغضه الله تعالى .
الرابع : ألا يظن بأخيه الغائب السوء .
الخامس : ألا يحمله ما حكي له على التجسس والبحث عن ذلك .
السادس : ألا يرضى لنفسه ما نهي النمام عنه ; فلا يحكي نميمته عنه ، فيقول : فلان حكى كذا فيصير به نماما ، ويكون آتيا ما نهي عنه . هذا آخر كلام nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي - رحمه الله - .
وكل هذا المذكور في النميمة إذا لم يكن فيها مصلحة شرعية فإن دعت حاجة إليها فلا منع منها ; وذلك كما إذا أخبره بأن إنسانا يريد الفتك به ، أو بأهله ، أو بماله ، أو أخبر الإمام ، أو من له ولاية بأن إنسانا يفعل كذا ، ويسعى بما فيه مفسدة .
ويجب على صاحب الولاية الكشف عن ذلك وإزالته . فكل هذا وما أشبه ليس بحرام ، وقد يكون بعضه واجبا ، وبعضه مستحبا على حسب المواطن . والله أعلم .