قوله : ( كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج ) هكذا هو في الأصول ، والروايات ( شغفني ) بالغين المعجمة ، وحكى القاضي عياض - رحمه الله - تعالى - : أنه روي بالعين المهملة وهما متقاربان . ومعناه : لصق بشغاف قلبي وهو غلافه ، وأما رأي الخوارج فهو ما قدمناه مرات : أنهم يرون أن أصحاب الكبائر يخلدون في النار ولا يخرج منها من دخلها .
قوله : ( فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج ثم نخرج على الناس ) معناه : خرجنا من بلادنا ونحن جماعة كثيرة لنحج ثم نخرج على الناس مظهرين مذهب الخوارج وندعو إليه ونحث عليه .
[ ص: 418 ] قوله : ( غير أنه قد زعم أن قوما يخرجون من النار ) ( زعم ) هنا بمعنى : قال ، وقد تقدم في أول الكتاب إيضاحها ونقل كلام الأئمة فيها . والله أعلم .
قوله : ( فيخرجون كأنهم عيدان السماسم ) هو بالسينين المهملتين : الأولى مفتوحة ، والثانية مكسورة ، وهو جمع سمسم ، وهو هذا السمسم المعروف الذي يستخرج منه الشيرج ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12569الإمام أبو السعادات المبارك بن محمد بن عبد الكريم الجزري المعروف بابن الأثير - رحمه الله - تعالى - : معناه - والله أعلم - أن السماسم جمع سمسم ، وعيدانه تراها إذا قلعت وتركت في الشمس ليؤخذ حبها دقاقا سودا كأنها محترقة ، فشبه بها هؤلاء . قال : وطالما طلبت هذه اللفظة وسألت عنها فلم أجد فيها شافيا ، قال : وما أشبه أن تكون اللفظة محرفة وربما كانت عيدان ( الساسم ) وهو خشب أسود كالآبنوس ، هذا كلام أبي السعادات ( والساسم ) الذي ذكره هو بحذف الميم وفتح السين الثانية كذا قاله الجوهري وغيره . وأما القاضي عياض فقال : لا يعرف معنى السماسم هنا قال : ولعل صوابه ( عيدان الساسم ) وهو أشبه ، وهو عود أسود وقيل : هو الآبنوس . وأما صاحب المطالع فقال : قال بعضهم : ( السماسم ) كل نبت ضعيف كالسمسم والكزبرة ، وقال آخرون : لعله ( السأسم ) مهموز وهو الآبنوس ، شبههم به في سواده فهذا مختصر ما قالوه فيه ، والمختار أنه السمسم كما قدمناه على ما بينه أبو السعادات . والله أعلم .
واعلم أنه وقع في كثير من الأصول ( كأنها ) عيدان السماسم بألف بعد الهاء ، والصحيح الموجود في معظم الأصول والكتب ( كأنهم ) بميم بعد الهاء ، وللأول أيضا وجه : وهو أن يكون الضمير في ( كأنها ) عائد على الصور أي : كأن صورهم عيدان السماسم . والله أعلم .
قوله : ( فيخرجون كأنهم القراطيس ) القراطيس : جمع قرطاس بكسر القاف وضمها لغتان ، وهو : الصحيفة التي يكتب فيها ، شبههم بالقراطيس لشدة بياضهم بعد اغتسالهم وزوال ما كان عليهم من السواد . والله أعلم .
قوله : ( فقلنا ويحكم ؟ . أترون الشيخ يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) يعني بالشيخ nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله [ ص: 419 ] - رضي الله عنه - ، وهو استفهام إنكار وجحد أي : لا يظن به الكذب بلا شك .
قوله : ( فرجعنا فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد ) معناه : رجعنا من حجنا ولم نتعرض لرأي الخوارج ، بل كففنا عنه وتبنا منه إلا رجلا منا فإنه لم يوافقنا في الانكفاف عنه .
قوله : ( أو كما قال أبو نعيم ) المراد nindex.php?page=showalam&ids=12180بأبي نعيم : الفضل بن دكين بضم الدال المهملة المذكور في أول الإسناد ، وهو شيخ شيخ مسلم ، وهذا الذي فعله أدب معروف من آداب الرواة ، وهو أنه ينبغي للراوي إذا روى بالمعنى أن يقول عقب روايته : أو كما قال ، احتياطا وخوفا من تغيير حصل .