خلافة المعتمد على الله أحمد ابن المتوكل على الله ويعرف
بابن فتيان
بويع له بالخلافة يوم الثلاثاء لثلاث عشرة خلت من رجب من سنة ست وخمسين ومائتين في دار الأمير
يارجوخ ، وذلك قبل خلع
المهتدي بأيام ، ثم كانت بيعة العامة يوم الإثنين لثمان بقين من رجب .
ولعشر بقين من رجب دخل موسى بن بغا ، ومفلح إلى سر من رأى ، فنزل موسى في داره وسكن الناس ، وخمدت الفتنة هنالك .
وأما
صاحب الزنج المدعي أنه علوي فهو محاصر
للبصرة ، والجيوش الخليفية في وجهه دونها ، وهو في كل وقت يقهرها ، ويغنم ما يفد إليهم في المراكب من
[ ص: 525 ] الأطعمة وغيرها ، واستحوذ بعد ذلك على
الأبلة وعبادان وغيرهما من البلاد ، وخاف منه
أهل البصرة خوفا شديدا ، وكل ما لأمره يقوى ، ولجيوشه تكثر ، ولعدده يتزايد ، ولم يزل ذلك دأبه إلى انسلاخها .
وفي هذه السنة خرج رجل آخر
بالكوفة يقال له :
علي بن زيد الطالبي ، وجاءه جيش من جهة الخليفة فكسره
الطالبي ، واستفحل أمره
بالكوفة وقويت شوكته ، وتفاقم أمره .
وفيها وثب
محمد بن واصل التميمي على نائب
فارس الحارث بن سيما الشرابي ، فقتله واستحوذ على بلاد
فارس .
وفي رمضان منها تغلب
الحسن بن زيد الطالبي على بلاد
الري فتوجه إليه
موسى بن بغا في شوال من عند
المعتمد ، وخرج الخليفة لتوديعه .
وفيها كانت وقعة عظيمة على باب
دمشق بين
أماجور نائب
دمشق ولم يكن معه إلا قريب من أربعمائة فارس وبين
ابن لعيسى ابن الشيخ ، وهو في قريب من عشرين ألفا ، فهزمه
أماجور . وجاءت من الخليفة ولاية لابن الشيخ ; بلاد
أرمينية على أن يترك
أهل الشام فقبل ذلك وانصرف عنهم .
وحج بالناس في هذه السنة
محمد بن أحمد بن عيسى بن أبي جعفر المنصور ، وكان في جملة الحجاج
أبو أحمد ابن المتوكل ، فتعجل وعجل السير إلى
سامرا ، [ ص: 526 ] فدخلها ليلة الأربعاء لثلاث عشرة بقيت من ذي الحجة من هذه السنة .