[ ص: 772 ] صفة أخذ البساسيري قبحه الله
لما سار السلطان نحوه وصلت إليه السرية الأولى فلقوه بأرض
واسط ومعه
ابن مزيد ، فاقتتلوا هنالك ، وانهزم أصحابه ، ونجا
البساسيري بنفسه على فرس ، فتبعه بعض الغلمان ، فرمى فرسه بنشابة ، فألقته إلى الأرض ، فجاء الغلام ، فضربه على وجهه ، ولم يعرفه ، وأسره واحد منهم ، يقال له
كمشتكتين ، وحز رأسه ، وحمله إلى السلطان ، وأخذت الأتراك من جيش
البساسيري من الأموال ما عجزوا عن حمله .
ولما وصل الرأس إلى السلطان أمر أن يذهب به إلى
بغداد وأن يرفع على قناة ، وأن يطاف به في المحال والدبادب والبوقات والنفاطون معه ، وأن يخرج الناس والنساء للفرجة عليه ، ففعل ذلك ثم نصب على الطيار تجاه دار الخلافة ، ولله الحمد والمنة . وقد كان مع
البساسيري خلق من البغاددة ، خرجوا معه ظانين أنه سيعود إليها محبة فيه ، فهلكوا ، ونهبت أموالهم كلها ، ولم ينج من أصحابه إلا القليل ، وفر
ابن مزيد في ناس قليل إلى البطيحة ، وفيمن معه أولاد
البساسيري وأمهم ، وقد سلبتهم الأعراب ، فلم يتركوا لهم شيئا ، فوردوا
البطيحة مسلوبين محروبين ، ثم استؤمن
لابن مزيد من السلطان ، ودخل معه
بغداد ، وقد نهبت العساكر السلطانية ما بين
واسط والبصرة والأهواز ، وذلك لكثرة الجيش وانتشاره وكثافته .
وأما الخليفة فإنه لما عاد إلى دار الخلافة جعل لله عليه أن لا ينام
[ ص: 773 ] على وطاء ، ولا يأتيه أحد بطعامه إذا كان صائما ، ولا يخدمه في وضوئه وغسله ، بل يتولى ذلك بنفسه لنفسه ، ، وعاهد الله أن لا يؤذي أحدا ممن آذاه ، وأن يصفح عمن ظلمه ، وكان يقول : ما عاقبت من عصى الله فيك بأكثر من أن تطيع الله فيه .
وفيها تولى
الملك ألب أرسلان بن داود جغريبك بن ميكائيل بن سلجوق بلاد
خراسان بعد وفاة أبيه بتقرير عمه
طغرلبك وكان له من الإخوة ثلاثة :
سليمان وقاروتبك وياقوتي ، فتزوج
طغرلبك بأم سليمان هذا ، وأوصى له بالملك من بعده .
وكان في هذه السنة
بمكة رخص لم يسمع بمثله ، بيع البر والتمر كل مائتي رطل بدينار .
ولم يحج أحد من أهل العراق في هذه السنة .