[ ص: 194 ] ثم دخلت سنة خمسمائة من الهجرة
قال
أبو داود في سننه : حدثنا
حجاج بن إبراهيم حدثنا
ابن وهب حدثني
معاوية بن صالح عن
عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة الخشني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم "
حدثنا
عمرو بن عثمان ، حدثنا
أبو المغيرة ، حدثني
صفوان ، عن
شريح بن عبيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
" إني لأرجو أن لا يعجز أمتي عند ربها أن يؤخرها نصف يوم " قيل :
لسعد : وكم نصف يوم ؟ قال : خمسمائة سنة ، وهذا من دلائل النبوة ، وذكر هذه المدة لا ينفي زيادة عليها كما هو الواقع ; لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر شيئا من أشراط الساعة لا بد من وقوعها كما أخبر سواء بسواء ، وسيأتي ذكرها فيما بعد زماننا ، وبالله المستعان .
ومما وقع في هذه السنة من الحوادث أن
السلطان محمد بن ملكشاه حاصر قلاعا كثيرة من حصون الباطنية ، فافتتح منها أماكن كثيرة ، وقتل منهم خلقا كثيرا ، وجمعا كبيرا ، وجما غفيرا ، وكان من جملة ما افتتح من ذلك قلعة حصينة ؛ كان أبوه قد بناها بالقرب من
أصبهان في رأس جبل منيع هناك ، وكان سبب
[ ص: 195 ] بنائه لها أنه كان مرة في بعض صيوده ، فهرب منه كلب ، فاتبعه إلى رأس الجبل فوجده وكان معه رجل من رسل
الروم ، فقال الرومي : لو كان هذا الجبل ببلادنا لاتخذنا عليه قلعة ، فحدا هذا الكلام السلطان إلى أن ابتنى في رأسه قلعة أنفق عليها ألف ألف دينار ومائتي ألف دينار ، فاستحوذ عليها بعد ذلك رجل من
الباطنية يقال له :
أحمد بن عبد الملك بن عطاش فتعب المسلمون بسببها ، فحاصرها ابنه
السلطان محمد سنة حتى افتتحها ، وسلخ هذا الرجل وحشى جلده تبنا وقطع رأسه ، فطيف به في الأقاليم ، ثم نقض هذه القلعة حجرا حجرا وألقت امرأته نفسها من أعلى القلعة فتلفت ، وهلك ما كان معها من الجواهر النفيسة ، وكان الناس يتشاءمون بهذه القلعة ، يقولون : كان دليلها كلبا ، والمشير بها كافرا ، والمتحصن بها زنديقا .
وفيها وقعت حروب كثيرة بين
خفاجة وبين
عبادة فقهرت عبادة خفاجة وأخذت بثأرها . وفيها استحوذ
سيف الدولة صدقة بن منصور الأسدي على مدينة
تكريت بعد قتال كثير . وفيها أرسل
السلطان محمد الأمير جاولي سقاوو إلى
الموصل وأقطعه إياها ، فذهب فانتزعها من
الأمير جكرمش بعدما قاتله ، وهزم أصحابه وأسره ، ثم قتله بعد ذلك ، وقد كان
جكرمش من خيار الأمراء سيرة وعدلا وإحسانا ، ثم أقبل
قلج أرسلان بن قتلمش فحاصر
الموصل فانتزعها من
جاولي فصار
جاولي إلى
الرحبة فأخذها ، ثم أقبل إلى قتال
قلج فكسره وألقى
قلج نفسه في النهر الذي للخابور فهلك .
وفيها نشأت حروب كثيرة بين
الروم والفرنج فاقتتلوا قتالا عظيما وقتل
[ ص: 196 ] من الفريقين طائفة كبيرة ثم كانت الهزيمة بعد كل حساب على
الفرنج .
وفي يوم عاشوراء منها قتل
فخر الملك أبو المظفر بن نظام الملك ، وكان أكبر أولاده ، وهو وزير
السلطان سنجر بنيسابور ، وكان صائما ، قتله باطني ، وكان قد رأى في تلك الليلة :
الحسين بن علي وهو يقول له : عجل إلينا وأفطر عندنا الليلة ، فأصبح متعجبا فنوى الصوم ذلك اليوم ، وأشار عليه بعض أصحابه أن لا يخرج ذلك اليوم من المنزل ، فما خرج إلا في آخر النهار ، فرأى شابا يتظلم وفي يده رقعة ، فقال : ما شأنك ؟ فناوله الرقعة ، فبينما هو يقرؤها إذ ضربه بخنجر بيده فقتله ، فأخذ الباطني فرفع إلى السلطان فقرره ، فأقر على جماعة من أصحاب الوزير أنهم أمروه بذلك - وكان كاذبا - فقتل وقتلوا أيضا .
وفي صفر عزل الخليفة
الوزير أبا القاسم علي بن جهير وخرب داره التي كان قد بناها أبوه من خراب بيوت الناس ، فكان في ذلك عبرة وموعظة لذوي البصائر والنهى ، واستنيب في الوزارة
القاضي أبو الحسن الدامغاني .
وحج بالناس في هذه السنة تركماني من جهة السلطان
محمد بن ملكشاه .