[ ص: 373 ] ثم دخلت
سنة خمسين وخمسمائة
فيها خرج الخليفة
المقتفي لأمر الله في تجمل عظيم إلى دقوقا فحاصرها ، فخرج إليه أهلها فسألوه أن يرحل عنهم ; فإن أهلها قد هلكوا بين الجيشين ، فأجابهم ، ورحل عنهم ، وعاد إلى
بغداد بعد شهرين ونصف ، ثم خرج نحو
الحلة والكوفة ، والجيش بين يديه ، وقال له
سليمان شاه : أنا ولي عهد
سنجر ، فإن قررت لي ذلك وإلا فأنا كأحد الأمراء . فوعده خيرا ، وكان يحمل الغاشية بين يدي الخليفة على كاهله ، فمهد الأمور ووطدها ، وسلم على مشهد علي إشارة بأصبعيه وكان قد عزم على دخول المشهد ، فنهاه الوزير
ابن هبيرة عن ذلك كأنه خاف عليه من غائلة الروافض ، والله أعلم .
وفيها
افتتح نور الدين بعلبك عودا على بدء ; وذلك أن
نجم الدين كان نائبا على البلد والقلعة ، فسلمه إلى رجل يقال له :
الضحاك البقاعي . فكاتب
نجم الدين لنور الدين ، ولم يزل
نور الدين يتلطف حتى أخذ القلعة أيضا ، واستدعى
بنجم الدين إليه إلى
دمشق فأقطعه إقطاعا ، وأكرمه من أجل أخيه
أسد الدين ; فإنه كانت له اليد الطولى في فتح
دمشق للملك
العادل نور الدين ، وجعل الأمير
شمس الدولة تورانشاه بن نجم الدين شحنة
دمشق ثم من بعده جعل أخاه
صلاح الدين يوسف هو الشحنة ، وجعله من خواصه لا يفارقه حضرا ولا سفرا ; لأنه
[ ص: 374 ] كان حسن الشكل ، حسن اللعب بالكرة ، وكان
نور الدين يحب لعب الكرة ; لتمرين الخيل وتعليمها الكر والفر ، وفي شحنكية
صلاح الدين يوسف يقول
عرقلة الشاعر :
رويدكم يا لصوص الشآم فإني لكم ناصح في مقال فإياكم وسمي النب
ي يوسف رب الحجا والجمال فذاك مقطع أيدي النساء
وهذا مقطع أيدي الرجال
وقد ملك أخاه
تورانشاه هذا بلاد
اليمن فيما بعد ذلك ، وكان يلقب
شمس الدولة .