[ ص: 499 ] ثم دخلت
سنة سبعين وستمائة من الهجرة
استهلت
وخليفة الوقت الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد العباسي ، وسلطان الإسلام الملك الظاهر .
وفي يوم الأحد الرابع عشر من المحرم ركب السلطان إلى البحر لإلقاء الشواني التي عملت عوضا عما غرق بجزيرة
قبرس ، فركب في شيني منها ، ومعه
الأمير بدر الدين الخزندار ، فمالت بهم فسقط
الخزندار في البحر ، فغاص في الماء ، فألقى إنسان نفسه وراءه ، فأخذ بشعره وأنقذه من الغرق ، فخلع السلطان على ذلك الرجل ، وأحسن إليه .
وفي أواخر المحرم ركب السلطان في نفر يسير من الخاصكية ، والأمراء من
الديار المصرية حتى قدم
الكرك ، واستصحب نائبها معه إلى
دمشق ، فدخلها في ثاني عشر صفر ، ومعه
الأمير عز الدين أيدمر نائب
الكرك ، فولاه نيابة
دمشق ، وعزل عنها
جمال الدين آقوش النجيبي في رابع عشر صفر ، ثم خرج إلى
حماة ، [ ص: 500 ] وعاد بعد عشرة أيام .
وفي ربيع الأول وصلت
الجفالة من
حلب وحماة وحمص إلى
دمشق بسبب الخوف من
التتار ، وجفل خلق كثير من أهل
دمشق .
وفي ربيع الآخر وصلت العساكر المصرية إلى حضرة السلطان إلى
دمشق ، فسار بهم منها في سابع الشهر فاجتاز
بحماة ، واستصحب ملكها
المنصور ، ثم سار إلى
حلب ، فخيم
بالميدان الأخضر بها ، وكان سبب ذلك أن عساكر
الروم جمعوا نحوا من عشرة آلاف فارس ، وبعثوا طائفة منهم ، فأغاروا على
عين تاب ، ووصلوا إلى
قسطون ، ووقعوا على طائفة من
التركمان بين
حارم وأنطاكية ، فاستأصلوهم ، فلما سمع
التتار بوصول السلطان ، رجعوا على أعقابهم ، وكان بلغه أن
الفرنج أغاروا على بلاد
قاقون ، ونهبوا طائفة من
التركمان ، فقبض على الأمراء الذين هناك; حيث لم يهتموا بحفظ البلاد ، وعاد إلى
الديار المصرية .
وفي ثالث شعبان أمسك السلطان قاضي الحنابلة
بمصر شمس الدين محمد بن العماد المقدسي ، وأخذ ما عنده من الودائع ، فأخذ زكاتها ، ورد
[ ص: 501 ] بعضها إلى أربابها ، واعتقله إلى شعبان من سنة ثنتين وسبعين ، وكان الذي وشى به رجل من أهل
حران يقال له :
شبيب . ثم تبين للسلطان نزاهة القاضي وبراءته ، فأعاده إلى منصبه في سنة ثنتين وسبعين ، وجاء السلطان في شعبان إلى أراضي
عكا ، فأغار عليها ، فسأله صاحبها المهادنة فأجابه إلى ذلك ، فهادنه عشر سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام وعشرة ساعات ، وعاد إلى
دمشق ، فقرئ
بدار السعادة كتاب الصلح ، واستمر الحال على ذلك ، ثم عاد السلطان إلى بلاد
الإسماعيلية ، فأخذ عامتها . قال
قطب الدين : وفي جمادى الآخرة ولدت زرافة
بقلعة الجبل ، وأرضعت من بقرة . قال : وهذا شيء لم يعهد مثله .