" إذ " متعلق بمحذوف تقديره : واذكر إذ قلنا .
وقال
أبو عبيدة إذ زائدة وهو ضعيف .
وقد تقدم الكلام في الملائكة
وآدم .
السجود معناه في كلام العرب : التذلل والخضوع .
وغايته وضع الوجه على الأرض .
قال
ابن فارس : سجد إذا تطامن ، وكل ما سجد فقد ذل ، والإسجاد : إدامة النظر .
وقال
أبو عمر : وسجد إذا طأطأ رأسه ، وفي هذه الآية فضيلة
لآدم عليه السلام عظيمة حيث أسجد الله له ملائكته .
وقيل : إن السجود كان لله ولم يكن
لآدم ، وإنما كانوا مستقبلين له عند السجود ، ولا ملجئ لهذا فإن
السجود للبشر قد يكون جائزا في بعض الشرائع بحسب ما تقتضيه المصالح .
وقد دلت هذه الآية على أن
السجود لآدم وكذلك الآية الأخرى أعني قوله :
فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين [ الحجر : 29 ] وقال تعالى :
ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا [ يوسف : 100 ] فلا يستلزم تحريمه لغير الله في شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يكون كذلك في سائر الشرائع .
ومعنى السجود هنا : هو وضع الجبهة على الأرض ، وإليه ذهب الجمهور .
وقال قوم : هو مجرد التذلل والانقياد .
وقد وقع الخلاف
هل كان السجود من الملائكة لآدم قبل تعليمه الأسماء أم بعده ؟ وقد أطال البحث في ذلك البقاعي في تفسيره .
وظاهر السياق أنه وقع التعليم وتعقبه الأمر بالسجود وتعقبه إسكانه الجنة ثم إخراجه منها وإسكانه الأرض .
وقوله :
إلا إبليس استثناء متصل لأنه كان من الملائكة على ما قاله الجمهور .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب وبعض الأصوليين :
كان من الجن الذي كانوا في الأرض .
فيكون الاستثناء على هذا منقطعا .
واستدلوا على هذا بقوله تعالى :
لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون [ التحريم : 6 ] وبقوله تعالى :
إلا إبليس كان من الجن [ الكهف : 50 ] والجن غير الملائكة ، وأجاب الأولون بأنه لا يمتنع أن يخرج إبليس عن جملة الملائكة ، لما سبق في علم الله من شقائه عدلا منه
لا يسأل عما يفعل [ الأنبياء : 23 ] وليس في خلقه من نار ولا تركيب الشهوة فيه حين غضب عليه ما يدفع أنه من الملائكة وأيضا على تسليم ذلك لا يمتنع أن يكون الاستثناء متصلا تغليبا للملائكة الذين هم ألوف مؤلفة على إبليس الذي هو فرد واحد بين أظهرهم .
ومعنى أبى امتنع من فعل ما أمر به .
والاستكبار : الاستعظام للنفس ، وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وآله وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019382إن الكبر بطر الحق وغمط الناس وفي رواية " غمص " بالصاد المهملة
وكان من الكافرين أي من جنسهم .
قيل : إن " كان " هنا بمعنى صار .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك : إنه خطأ ترده الأصول .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كانت السجدة
لآدم والطاعة لله .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
الحسن قال : سجدوا كرامة من الله أكرم بها
آدم وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر عن
إبراهيم المزني قال : إن الله جعل
آدم كالكعبة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=12590وابن الأنباري عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كان إبليس اسمه عزازيل ، وكان من أشراف الملائكة من ذوي الأجنحة الأربعة ، ثم أبلس بعد .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم عنه قال : إنما سمي إبليس لأن الله أبلسه من الخير كله ، أي آيسه منه .
وأخرج
[ ص: 47 ] nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=12590وابن الأنباري عنه قال : كان إبليس قبل أن يرتكب المعصية من الملائكة اسمه عزازيل ، وكان من سكان الأرض ، وكان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما ، فذلك دعاه إلى الكبر ، وكان من حي يسمون جنا .
وأخرج
ابن المنذر والبيهقي في الشعب عنه قال : كان إبليس من خزان الجنة ، وكان يدبر أمر سماء الدنيا .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=17032محمد بن نصر عن
أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1019383إن الله أمر آدم بالسجود فسجد ، فقال : لك الجنة ولمن سجد من ولدك ، وأمر إبليس بالسجود فأبى أن يسجد ، فقال : لك النار ولمن أبى من ولدك أن يسجد .
وأخرج
ابن المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
وكان من الكافرين قال : جعله الله كافرا لا يستطيع أن يؤمن .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي قال : ابتدأ الله خلق إبليس على الكفر والضلالة وعمل بعمل الملائكة فصيره إلى ما ابتدئ إليه خلقه من الكفر ، قال الله :
وكان من الكافرين .