الأسلوب الثاني
الحذف وهو لغة : الإسقاط ، ومنه : حذفت الشعر ، إذا أخذت منه .
واصطلاحا : إسقاط جزء الكلام أو كله لدليل ، وأما قول النحويين : الحذف لغير دليل ، ويسمى اقتصارا ، فلا تحرير فيه ; لأنه لا حذف فيه بالكلية كما سنبينه فيما يلتبس به الإضمار والإيجاز .
والفرق بينهما أن شرط الحذف والإيجاز أن يكون في الحذف ثم مقدر ; نحو :
واسأل القرية ( يوسف : 82 ) بخلاف الإيجاز ; فإنه عبارة عن اللفظ القليل الجامع للمعاني الجمة بنفسه .
والفرق بينهما وبين الإضمار أن شرط المضمر بقاء أثر المقدر في اللفظ ; نحو :
يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ( الإنسان : 31 ) أي : ويعذب
[ ص: 174 ] الظالمين ،
انتهوا خيرا لكم ( النساء : 171 ) أي : ائتوا أمرا خيرا لكم ، وهذا لا يشترط في الحذف .
ويدل على أنه لا بد في الإضمار من ملاحظة المقدر باب الاشتقاق ; فإنه من أضمرت الشيء أخفيته ، قال :
سيبقى لها في مضمر القلب والحشا
وأما الحذف ; فمن حذفت الشيء قطعته ، وهو يشعر بالطرح ، بخلاف الإضمار ، ولهذا قالوا : " أن " تنصب ظاهرة ومضمرة .
ورد
ابن ميمون قول النحاة : إن الفاعل يحذف في باب المصدر ، وقال : الصواب أن يقال : يضمر ولا يحذف ; لأنه عمدة في الكلام .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني : في " خاطرياته " من اتصال الفاعل بالفعل أنك تضمره في لفظ إذا عرفته ; نحو : قم ، ولا تحذفه كحذف المبتدأ ; ولهذا لم يجز عندنا ما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي في " ضربني ، وضربت قومك " .