القسم الثامن والعشرون
nindex.php?page=treesubj&link=28914التعليل بأن يذكر الشيء معللا ; فإنه أبلغ من ذكره بلا علة ، لوجهين : أحدهما : أن العلة المنصوصة قاضية بعموم المعلول ; ولهذا اعترفت الظاهرية بالقياس في العلة المنصوصة .
الثاني : أن النفوس تنبعث إلى نقل الأحكام المعللة ، بخلاف غيرها ; وغالب التعليل
[ ص: 166 ] في القرآن ، فهو على تقدير جواب سؤال اقتضته الجملة الأولى ، وهو سؤال عن العلة .
ومنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=53إن النفس لأمارة بالسوء ( يوسف : 53 )
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=1إن زلزلة الساعة شيء عظيم ( الحج : 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103إن صلاتك سكن لهم ( التوبة : 103 ) .
وتوضيح التعليل أن الفاء السببية لو وضعت مكان " إن " لحسن .
والطرق الدالة على العلة أنواع : الأول : التصريح بلفظ الحكم ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حكمة بالغة ( القمر : 5 ) .
وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة ( النساء : 113 ) ، والحكمة هي العلم النافع والعمل الصالح .
الثاني : أنه فعل كذا لكذا ، أو أمر بكذا لكذا ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ( المائدة : 97 ) .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا ( الطلاق : 12 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس ( المائدة : 97 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=29لئلا يعلم أهل الكتاب ( الحديد : 29 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم ( البقرة : 143 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=11وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ( الأنفال : 11 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=126وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به ( آل عمران : 126 ) وهو كثير .
فإن قيل : اللام فيه للعاقبة ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=8فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ( القصص : 8 ) وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=53ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة ( الحج : 53 ) وإنما قلنا ذلك لأن أفعال الله تعالى لا تعلل .
فالجواب أن معنى قولنا : إن أفعال الله تعالى لا تعلل ، أي : لا تجب ; ولكنها لا تخلو عن الحكمة ، وقد أجاب الملائكة عن قولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30أتجعل فيها من يفسد فيها ( البقرة : 30 ) بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30إني أعلم ما لا تعلمون ( البقرة : 30 ) .
[ ص: 167 ] ولو كان فعله سبحانه مجردا عن الحكم والغايات لم يسأل الملائكة عن حكمته ، ولم يصح الجواب بكونه يعلم ما لا يعلمون من الحكمة والمصالح ، وفرق بين العلم والحكمة ; ولأن لام العاقبة إنما تكون في حق من يجهل العاقبة كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=8فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا ( القصص : 8 ) وأما من هو بكل شيء عليم فمستحيلة في حقه ; وإنما اللام الواردة في أحكامه وأفعاله لام الحكمة والغاية المطلوبة من الحكمة . ثم قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=8ليكون لهم عدوا وحزنا هو تعليل لقضاء الله بالتقاطه وتقديره لهم ، فإن التقاطهم له إنما كان بقضائه وقدره ، وذكر فعلهم دون قضائه ; لأنه أبلغ في كونه حزنا لهم وحسرة عليهم .
قاعدة تفسيرية : حيث دخلت واو العاطف على لام التعليل فله وجهان : أحدهما : أن يكون تعليلا معلله محذوف ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا ( الأنفال : 17 ) فالمعنى : وللإحسان إلى المؤمنين فعل ذلك .
الثاني : أن يكون معطوفا على علة أخرى مضمرة ; ليظهر صحة العطف ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=22وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى ( الجاثية : 22 ) التقدير : ليستدل بها المكلف على قدرته تعالى ولتجزى .
وكقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=21وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه ( يوسف : 21 ) التقدير : ليتصرف فيها ولنعلمه .
والفرق بين الوجهين أنه في الأول عطف جملة على جملة ، وفي الثاني عطف مفرد على مفرد .
وقد يحتملهما الكلام ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=259ولنجعلك آية للناس ( البقرة : 259 ) ، فالتقدير على الأول : " ولنجعله آية فعلنا ذلك " ، وعلى الثاني : " ولنبين للناس قدرتنا ولنجعله آية " ويطرد الوجهان في نظائره ، ويرجح كل واحد بحسب المقام ، وحذف المعلل هاهنا
[ ص: 168 ] أرجح ; إذ لو فرض علة أخرى لم يكن بد من معلل محذوف ، وليس قبلها ما يصلح له .
فإن قلت : لم قدر المعلل مؤخرا ؟ قلت : فائدة هذا الأسلوب هو أن يجاء بالعلة بالواو للاهتمام بشأن العلة المذكورة ; لأنه إما أن يقدر علة أخرى ليعطف عليها ، فيكون اختصاص ذكرها لكونها أهم ، وإما أن يكون على تقدير معلل فيجب أن يكون مؤخرا ليشعر تقديمه بالاهتمام .
الثالث : الإتيان بكي ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ( الحشر : 7 ) فعلل سبحانه الفيء بين هذه الأصناف ; كيلا يتداوله الأغنياء دون الفقراء .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ( الحديد : 22 - 23 ) وأخبر سبحانه أنه قدر ما يصيبهم من البلاء في أنفسهم قبل أن تبرأ الأنفس أو المصيبة أو الأرض أو المجموع ، ثم أخبر أن مصدر ذلك قدرته عليه وأنه هين عليه ، وحكمته البالغة التي منها ألا يحزن عباده على ما فاتهم ، ولا يفرحوا بما آتاهم ، فإنهم إذا علموا أن المصيبة فيه مقدرة كائنة ، ولا بد قد كتبت قبل خلقهم هان عليهم الفائت ، فلم يأسوا عليه ولم يفرحوا .
الرابع ذكر المفعول له وهو علة للفعل المعلل به ; كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة ( النحل : 89 ) .
ونصب ذلك على المفعول له أحسن من غيره ، كما صرح به في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44لتبين للناس ما نزل إليهم ( النحل : 44 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون ( البقرة : 150 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=17ولقد يسرنا القرآن للذكر ( القمر : 17 ) أي : لأجل الذكر ; كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=58فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون ( الدخان : 58 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=5فالملقيات ذكرا عذرا أو نذرا ( المرسلات : 5 - 6 ) أي : للإعذار والإنذار .
وقد يكون معلولا بعلة أخرى ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت ( البقرة : 19 )
[ ص: 169 ] فـ " من الصواعق " يحتمل أن تكون فيه " من " لابتداء الغاية فتتعلق بمحذوف ، أي : خوفا من الصواعق ، ويجوز أن تكون معللة بمعنى اللام ; كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=22كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم ( الحج : 22 ) أي : لغم .
وعلى كلا التقديرين فـ " من الصواعق " في محل نصب على أنه مفعول له ، والعامل فيه ( يجعلون ) و ( حذر الموت ) مفعول له أيضا ، فالعامل فيه من الصواعق فـ " من الصواعق " علة لـ " يجعلون " معلول لحذر الموت ; لأن المفعول الأول الذي هو " من الصواعق " يصلح جوابا لقولنا : لم يجعلون أصابعهم في آذانهم ؟ والمفعول الثاني الذي هو " حذر الموت " يصلح جوابا لقولنا : لم يخافون من الصواعق ؟ فقد ظهر ذلك .
الخامس : اللام في المفعول له ، وتقوم مقامه الباء نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=160فبظلم من الذين هادوا ( النساء : 160 ) .
ومن نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32من أجل ذلك كتبنا ( المائدة : 32 ) .
والكاف ، نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=151كما أرسلنا فيكم رسولا منكم ( البقرة : 151 ) وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فاذكروني أذكركم ( البقرة : 152 ) وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239فاذكروا الله كما علمكم ( البقرة : 239 ) أي : لإرسالنا وتعليمنا .
السادس : الإتيان بإن ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ( المزمل : 20 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ( التوبة : 103 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=53وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء ( يوسف : 53 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=10فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا ( طه : 10 ) .
وكقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=76فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون ( يس : 76 ) ، وليس هذا من قولهم ; لأنه لو كان قولهم لما حزن الرسول ، وإنما جيء بالجملة لبيان العلة والسبب في أنه لا يحزنه قولهم .
[ ص: 170 ] وكذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=65ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا ( يونس : 65 ) والوقف على القول في هاتين الآيتين والابتداء بـ " إن " لازم .
وقد يكون علة لعلة ; كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=65إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما ( الفرقان : 65 - 66 ) .
وفيها وجهان لأهل المعاني : أحدهما أن سؤالهم لصرف العذاب معلل بأنه غرام ، أي : ملازم الغريم ، وبأنها ساءت مستقرا ومقاما .
الثاني : أن " ساءت " تعليل لكونه غراما .
السابع : أن والفعل المستقبل بعدها تعليلا لما قبله ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=156أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا ( الأنعام : 156 ) .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56أن تقول نفس ياحسرتا على ما فرطت في جنب الله ( الزمر : 56 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=92تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون ( التوبة : 92 ) كأنه قيل : لم فاضت أعينهم من الدمع ؟ قيل : للحزن .
فقيل : لم حزنوا ؟ فقيل : لئلا يجدوا .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ( البقرة : 282 ) .
ونظائره كثيرة ، وفي ذلك طريقان : أحدهما :
للكوفيين ، أن المعنى لئلا يقولوا ، ولئلا تقول نفس .
الثاني :
للبصريين أن المفعول محذوف ; أي : كراهة أن يقولوا ، أو : حذار أن يقولوا ، فإن قيل : كيف يستقيم الطريقان في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ( البقرة : 282 ) فإنك إذا قدرت : " لئلا تضل إحداهما " لم يستقم عطف " فتذكر " عليه ، وإن قدرت : " حذار أن تضل إحداهما " لم يستقم العطف أيضا ; لأنه لا يصح أن تكون الضلالة علة لشهادتهما .
قيل : بظهور المعنى يزول الإشكال ، فإن المقصود إذكار إحداهما الأخرى إذا ضلت
[ ص: 171 ] ونسيت ، فلما كان الضلال سببا للإذكار جعل موضع العلة ; كما تقول : " أعددت هذه الخشبة أن تميل الحائط فأدعم بها " فإنما أعددتها للدعم لا للميل ، وأعددت هذا الدواء أن أمرض فأدواى به ونحوه ، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه والبصريين .
وقال
الكوفيون : تقديره في " تذكر إحداهما الأخرى إن ضلت " ، فلما تقدم الجزاء اتصل بما قبله ، ففتحت " أن " .
الثامن : " من أجل " في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس ( المائدة : 32 ) فإنه لتعليل الكتب ، وعلى هذا فيجب الوقف على
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31من النادمين ( المائدة : 31 ) وظن قوم أنه تعليل لقوله : " من النادمين " أي : من أجل قتله لأخيه ، وهو غلط ; لأنه يشوش صحة النظم ويخل بالفائدة .
فإن قلت : كيف يكون قتل أحد ابني آدم للآخر علة للحكم على أمة أخرى بذلك الحكم ؟ وإذا كان علة فكيف كان قتل نفس واحدة بمنزلة قاتل الناس كلهم ؟ قيل : إن الله سبحانه يجعل أقضيته وأقداره عللا لأسبابه الشرعية وأمره ، فجعل حكمه الكوني القدري علة لحكمة أمره الديني ; لأن القتل لما كان من أعلى أنواع الظلم والفساد فخم أمره ، وعظم شأنه ، وجعل إثمه أعظم من إثم غيره ، ونزل قاتل النفس الواحدة منزلة قاتل الأنفس كلها في أصل العذاب لا في وصفه .
التاسع : التعليل بـ " لعل " ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=21اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ( البقرة : 21 ) قيل : هو تعليل لقوله : ( اعبدوا ) وقيل : لقوله : ( خلقكم ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=183كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ( البقرة : 183 ) حيث لمح فيها معنى الرجاء رجعت إلى المخاطبين .
[ ص: 172 ] العاشر : ذكر الحكم الكوني أو الشرعي عقب الوصف المناسب له ; فتارة يذكر بأن ، وتارة بالفاء ، وتارة يجرد .
فالأول : كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=89وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين الأنبياء : 89 ) إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=90خاشعين ( الأنبياء : 90 ) وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=15إن المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ( الذاريات : 15 - 16 ) .
والثاني : كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ( المائدة : 38 )
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ( النور : 277 ) .
والثالث : كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=45إن المتقين في جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين ( الحجر : 45 - 46 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=277إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( البقرة : 277 ) .
الحادي عشر :
nindex.php?page=treesubj&link=28914تعليله سبحانه عدم الحكم بوجود المانع منه ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=33ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن ( الزخرف : 33 ) الآية .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=27ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ( الشورى : 27 )
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون ( الإسراء : 59 ) أي : آيات الاقتراح ، لا الآيات الدالة على صدق الرسل التي تأتي منه سبحانه ابتداء .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ( فصلت : 44 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ( الأنعام : 8 ) فأخبر سبحانه عما يمنع من إنزال الملك عيانا بحيث يشاهدونه ، وإن عنايته وحكمته بخلقه اقتضت منع ذلك ; بأنه لو أنزل عليه الملك ثم عاينوه ولم يؤمنوا به لعوجلوا بالعقوبة ، وجعل الرسول بشرا ليمكنهم التلقي عنه والرجوع إليه ، ولو جعله ملكا فإما أن يدعه على هيئته الملكية أو يجعله على هيئة البشر ، والأول يمنعهم من التلقي عنه ، والثاني لا يحصل مقصوده ، إذا كانوا يقولون هو بشر لا ملك .
[ ص: 173 ] الثاني عشر :
nindex.php?page=treesubj&link=28914إخباره عن الحكم والغايات التي جعلها في خلقه وأمره كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=22الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء ( البقرة : 22 ) الآية .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=6ألم نجعل الأرض مهادا ( النبأ : 6 ) الآيات .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80والله جعل لكم من بيوتكم سكنا الآية .
وكما يقصدون البسط والاستيفاء يقصدون الإجمال والإيجاز ، كما قيل :
يرمون بالخطب الطوال وتارة وحي الملاحظ خيفة الرقباء
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=21ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا ( الروم : 21 ) .
الْقِسْمُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=28914التَّعْلِيلُ بِأَنْ يَذَكُرَ الشَّيْءَ مُعَلَّلًا ; فَإِنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ ذِكْرِهِ بِلَا عِلَّةٍ ، لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَنْصُوصَةَ قَاضِيَةٌ بِعُمُومِ الْمَعْلُولِ ; وَلِهَذَا اعْتَرَفَتِ الظَّاهِرِيَّةُ بِالْقِيَاسِ فِي الْعِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ .
الثَّانِي : أَنَّ النُّفُوسَ تَنْبَعِثُ إِلَى نَقْلِ الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّلَةِ ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا ; وَغَالِبُ التَّعْلِيلِ
[ ص: 166 ] فِي الْقُرْآنِ ، فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ جَوَابِ سُؤَالٍ اقْتَضَتْهُ الْجُمْلَةُ الْأُولَى ، وَهُوَ سُؤَالٌ عَنِ الْعِلَّةِ .
وَمِنْهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=53إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ( يُوسُفَ : 53 )
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=1إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ( الْحَجِّ : 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ( التَّوْبَةِ : 103 ) .
وَتَوْضِيحُ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْفَاءَ السَّبَبِيَّةَ لَوْ وُضِعَتْ مَكَانَ " إِنَّ " لَحَسُنَ .
وَالطُّرُقُ الدَّالَّةُ عَلَى الْعِلَّةِ أَنْوَاعٌ : الْأَوَّلُ : التَّصْرِيحُ بِلَفْظِ الْحُكْمِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ ( الْقَمَرِ : 5 ) .
وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ( النِّسَاءِ : 113 ) ، وَالْحِكْمَةُ هِيَ الْعِلْمُ النَّافِعُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ .
الثَّانِي : أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا لِكَذَا ، أَوْ أَمَرَ بِكَذَا لِكَذَا ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ( الْمَائِدَةِ : 97 ) .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=12اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا ( الطَّلَاقِ : 12 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ ( الْمَائِدَةِ : 97 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=29لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ ( الْحَدِيدِ : 29 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=143وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ ( الْبَقَرَةِ : 143 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=11وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ( الْأَنْفَالِ : 11 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=126وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ ( آلِ عِمْرَانَ : 126 ) وَهُوَ كَثِيرٌ .
فَإِنْ قِيلَ : اللَّامُ فِيهِ لِلْعَاقِبَةِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=8فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ( الْقَصَصِ : 8 ) وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=53لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً ( الْحَجِّ : 53 ) وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُعَلَّلُ .
فَالْجَوَابُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِنَا : إِنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُعَلَّلُ ، أَيْ : لَا تَجِبُ ; وَلَكِنَّهَا لَا تَخْلُو عَنِ الْحِكْمَةِ ، وَقَدْ أَجَابَ الْمَلَائِكَةَ عَنْ قَوْلِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا ( الْبَقَرَةِ : 30 ) بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ( الْبَقَرَةِ : 30 ) .
[ ص: 167 ] وَلَوْ كَانَ فِعْلُهُ سُبْحَانَهُ مْجَرَّدًا عَنِ الْحِكَمِ وَالْغَايَاتِ لَمْ يَسْأَلِ الْمَلَائِكَةُ عَنْ حِكْمَتِهِ ، وَلَمْ يَصِحَّ الْجَوَابُ بِكَوْنِهِ يَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُونَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَالْمَصَالِحِ ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ ; وَلِأَنَّ لَامَ الْعَاقِبَةِ إِنَّمَا تَكُونُ فِي حَقِّ مَنْ يَجْهَلُ الْعَاقِبَةَ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=8فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ( الْقَصَصِ : 8 ) وَأَمَّا مَنْ هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فَمُسْتَحِيلَةٌ فِي حَقِّهِ ; وَإِنَّمَا اللَّامُ الْوَارِدَةُ فِي أَحْكَامِهِ وَأَفْعَالِهِ لَامُ الْحِكْمَةِ وَالْغَايَةِ الْمَطْلُوبَةُ مِنَ الْحِكْمَةِ . ثُمَّ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=8لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا هُوَ تَعْلِيلٌ لِقَضَاءِ اللَّهِ بِالْتِقَاطِهِ وَتَقْدِيرِهِ لَهُمْ ، فَإِنَّ الْتِقَاطَهُمْ لَهُ إِنَّمَا كَانَ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ ، وَذَكَرَ فِعْلَهُمْ دُونَ قَضَائِهِ ; لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي كَوْنِهِ حَزَنًا لَهُمْ وَحَسْرَةً عَلَيْهِمْ .
قَاعِدَةٌ تَفْسِيرِيَّةٌ : حَيْثُ دَخَلَتْ وَاوُ الْعَاطِفِ عَلَى لَامِ التَّعْلِيلِ فَلَهُ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا مُعَلِّلُهُ مَحْذُوفٌ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا ( الْأَنْفَالِ : 17 ) فَالْمَعْنَى : وَلِلْإِحْسَانِ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ فَعَلَ ذَلِكَ .
الثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى عِلَّةٍ أُخْرَى مُضْمَرَةٍ ; لِيُظْهِرَ صِحَّةَ الْعَطْفِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=22وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى ( الْجَاثِيَةِ : 22 ) التَّقْدِيرُ : لِيَسْتَدِلَّ بِهَا الْمُكَلَّفُ عَلَى قُدْرَتِهِ تَعَالَى وَلِتُجْزَى .
وَكَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=21وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ ( يُوسُفَ : 21 ) التَّقْدِيرُ : لِيَتَصَرَّفَ فِيهَا وَلِنُعَلِّمَهُ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ عَطْفُ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ ، وَفِي الثَّانِي عَطْفُ مُفْرَدٍ عَلَى مُفْرَدٍ .
وَقَدْ يَحْتَمِلُهُمَا الْكَلَامُ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=259وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ ( الْبَقَرَةِ : 259 ) ، فَالتَّقْدِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ : " وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً فِعْلُنَا ذَلِكَ " ، وَعَلَى الثَّانِي : " وَلِنُبَيِّنَ لِلنَّاسِ قُدْرَتَنَا وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً " وَيَطَّرِدُ الْوَجْهَانِ فِي نَظَائِرِهِ ، وَيُرَجَّحُ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ الْمَقَامِ ، وَحَذْفُ الْمُعَلِّلِ هَاهُنَا
[ ص: 168 ] أَرْجَحُ ; إِذْ لَوْ فَرَضَ عِلَّةً أُخْرَى لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ مُعَلِّلٍ مَحْذُوفٍ ، وَلَيْسَ قَبْلَهَا مَا يَصْلُحُ لَهُ .
فَإِنْ قُلْتَ : لِمَ قُدِّرَ الْمُعَلِّلُ مُؤَخَّرًا ؟ قُلْتُ : فَائِدَةُ هَذَا الْأُسْلُوبِ هُوَ أَنْ يُجَاءَ بِالْعِلَّةِ بِالْوَاوِ لِلِاهْتِمَامِ بِشَأْنِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ ; لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُقَدِّرَ عِلَّةً أُخْرَى لِيَعْطِفَ عَلَيْهَا ، فَيَكُونُ اخْتِصَاصُ ذِكْرِهَا لِكَوْنِهَا أَهَمُّ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى تَقْدِيرِ مُعَلِّلٍ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُؤَخَّرًا لِيُشْعِرَ تَقْدِيمُهُ بِالِاهْتِمَامِ .
الثَّالِثُ : الْإِتْيَانُ بِكَيْ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ( الْحَشْرِ : 7 ) فَعَلَّلَ سُبْحَانَهُ الْفَيْءَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ ; كَيْلَا يَتَدَاوَلَهُ الْأَغْنِيَاءُ دُونَ الْفُقَرَاءِ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=22مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ( الْحَدِيدِ : 22 - 23 ) وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ قَدَّرَ مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ فِي أَنْفُسِهِمْ قَبْلَ أَنْ تَبْرَأَ الْأَنْفُسُ أَوِ الْمُصِيبَةُ أَوِ الْأَرْضُ أَوِ الْمَجْمُوعُ ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ مَصْدَرَ ذَلِكَ قُدْرَتُهُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ هَيِّنٌ عَلَيْهِ ، وَحِكْمَتُهُ الْبَالِغَةُ الَّتِي مِنْهَا أَلَّا يَحْزَنَ عِبَادُهُ عَلَى مَا فَاتَهُمْ ، وَلَا يَفْرَحُوا بِمَا آتَاهُمْ ، فَإِنَّهُمْ إِذَا عَلِمُوا أَنَّ الْمُصِيبَةَ فِيهِ مُقَدَّرَةٌ كَائِنَةٌ ، وَلَا بُدَّ قَدْ كُتِبَتْ قَبْلَ خَلْقِهِمْ هَانَ عَلَيْهِمُ الْفَائِتُ ، فَلَمْ يَأْسُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يَفْرَحُوا .
الرَّابِعُ ذِكْرُ الْمَفْعُولِ لَهُ وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْفِعْلِ الْمُعَلَّلِ بِهِ ; كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً ( النَّحْلِ : 89 ) .
وَنَصْبُ ذَلِكَ عَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ أَحْسَنُ مِنْ غَيْرِهِ ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ( النَّحْلِ : 44 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( الْبَقَرَةِ : 150 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=17وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ( الْقَمَرِ : 17 ) أَيْ : لِأَجْلِ الذِّكْرِ ; كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=58فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( الدُّخَانِ : 58 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=5فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا عُذْرًا أَوْ نُذْرًا ( الْمُرْسَلَاتِ : 5 - 6 ) أَيْ : لِلْإِعْذَارِ وَالْإِنْذَارِ .
وَقَدْ يَكُونُ مَعْلُولًا بِعِلَّةٍ أُخْرَى ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=19يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ( الْبَقَرَةِ : 19 )
[ ص: 169 ] فَـ " مِنَ الصَّوَاعِقِ " يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ فِيهِ " مِنْ " لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فَتَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ ، أَيْ : خَوْفًا مِنَ الصَّوَاعِقِ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُعَلِّلَةً بِمَعْنَى اللَّامِ ; كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=22كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ ( الْحَجِّ : 22 ) أَيْ : لِغَمٍّ .
وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ فَـ " مِنَ الصَّوَاعِقِ " فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ ، وَالْعَامِلُ فِيهِ ( يَجْعَلُونَ ) وَ ( حَذَرَ الْمَوْتِ ) مَفْعُولٌ لَهُ أَيْضًا ، فَالْعَامِلُ فِيهِ مِنَ الصَّوَاعِقِ فَـ " مِنَ الصَّوَاعِقِ " عِلَّةٌ لِـ " يَجْعَلُونَ " مَعْلُولٌ لِحَذَرَ الْمَوْتِ ; لِأَنَّ الْمَفْعُولَ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ " مِنَ الصَّوَاعِقِ " يَصْلُحُ جَوَابًا لِقَوْلِنَا : لِمَ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ ؟ وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي الَّذِي هُوَ " حَذَرَ الْمَوْتِ " يَصْلُحُ جَوَابًا لِقَوْلِنَا : لِمَ يَخَافُونَ مِنَ الصَّوَاعِقِ ؟ فَقَدْ ظَهَرَ ذَلِكَ .
الْخَامِسُ : اللَّامُ فِي الْمَفْعُولِ لَهُ ، وَتَقُومُ مَقَامَهُ الْبَاءُ نَحْوَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=160فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا ( النِّسَاءِ : 160 ) .
وَمِنْ نَحْوِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا ( الْمَائِدَةِ : 32 ) .
وَالْكَافُ ، نَحْوَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=151كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ ( الْبَقَرَةِ : 151 ) وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=152فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ( الْبَقَرَةِ : 152 ) وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ ( الْبَقَرَةِ : 239 ) أَيْ : لِإِرْسَالِنَا وَتَعْلِيمِنَا .
السَّادِسُ : الْإِتْيَانُ بِإِنَّ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( الْمُزَّمِّلِ : 20 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=103وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ( التَّوْبَةِ : 103 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=53وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ( يُوسُفَ : 53 ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=10فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا ( طه : 10 ) .
وَكَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=76فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ( يس : 76 ) ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَوْلُهُمْ لَمَا حَزِنَ الرَّسُولُ ، وَإِنَّمَا جِيءَ بِالْجُمْلَةِ لِبَيَانِ الْعِلَّةِ وَالسَّبَبِ فِي أَنَّهُ لَا يُحْزِنُهُ قَوْلُهُمْ .
[ ص: 170 ] وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=65وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ( يُونُسَ : 65 ) وَالْوَقْفُ عَلَى الْقَوْلِ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَالِابْتِدَاءُ بِـ " إِنَّ " لَازِمٌ .
وَقَدْ يَكُونُ عِلَّةً لِعِلَّةٍ ; كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=65إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ( الْفُرْقَانِ : 65 - 66 ) .
وَفِيهَا وَجْهَانِ لِأَهْلِ الْمَعَانِي : أَحَدُهُمَا أَنَّ سُؤَالَهُمْ لِصَرْفِ الْعَذَابِ مُعَلَّلٌ بِأَنَّهُ غَرَامٌ ، أَيْ : مُلَازِمٌ الْغَرِيمَ ، وَبِأَنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا .
الثَّانِي : أَنَّ " سَاءَتْ " تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهِ غَرَامًا .
السَّابِعُ : أَنَّ وَالْفِعْلُ الْمُسْتَقْبَلُ بَعْدَهَا تَعْلِيلًا لِمَا قَبْلَهُ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=156أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا ( الْأَنْعَامِ : 156 ) .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=56أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ ( الزُّمَرِ : 56 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=92تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ( التَّوْبَةِ : 92 ) كَأَنَّهُ قِيلَ : لِمَ فَاضَتْ أَعْيُنُهُمْ مِنَ الدَّمْعِ ؟ قِيلَ : لِلْحُزْنِ .
فَقِيلَ : لِمَ حَزِنُوا ؟ فَقِيلَ : لِئَلَّا يَجِدُوا .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ( الْبَقَرَةِ : 282 ) .
وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ ، وَفِي ذَلِكَ طَرِيقَانِ : أَحَدُهُمَا :
لِلْكُوفِيِّينَ ، أَنَّ الْمَعْنَى لِئَلَّا يَقُولُوا ، وَلِئَلَّا تَقُولُ نَفْسٌ .
الثَّانِي :
لِلْبَصْرِيِّينَ أَنَّ الْمَفْعُولَ مَحْذُوفٌ ; أَيْ : كَرَاهَةَ أَنْ يَقُولُوا ، أَوْ : حَذَارِ أَنْ يَقُولُوا ، فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ يَسْتَقِيمُ الطَّرِيقَانِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى ( الْبَقَرَةِ : 282 ) فَإِنَّكَ إِذَا قَدَّرْتَ : " لِئَلَّا تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا " لَمْ يَسْتَقِمْ عَطْفُ " فَتُذَكِّرَ " عَلَيْهِ ، وَإِنْ قَدَّرْتَ : " حَذَارِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا " لَمْ يَسْتَقِمِ الْعَطْفُ أَيْضًا ; لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الضَّلَالَةُ عِلَّةً لِشَهَادَتِهِمَا .
قِيلَ : بِظُهُورِ الْمَعْنَى يَزُولُ الْإِشْكَالُ ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ إِذْكَارُ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى إِذَا ضَلَّتْ
[ ص: 171 ] وَنَسِيَتْ ، فَلَمَّا كَانَ الضَّلَالُ سَبَبًا لِلْإِذْكَارِ جُعِلَ مَوْضِعَ الْعِلَّةِ ; كَمَا تَقُولُ : " أَعْدَدْتُ هَذِهِ الْخَشَبَةَ أَنْ تَمِيلَ الْحَائِطُ فَأُدَعِّمُ بِهَا " فَإِنَّمَا أَعْدَدْتُهَا لِلدَّعْمِ لَا لِلْمَيْلِ ، وَأَعْدَدْتُ هَذَا الدَّوَاءَ أَنْ أَمْرَضَ فَأُدَوَاى بِهِ وَنَحْوُهُ ، هَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ وَالْبَصْرِيِّينَ .
وَقَالَ
الْكُوفِيُّونَ : تَقْدِيرُهُ فِي " تُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى إِنْ ضَلَّتْ " ، فَلَمَّا تَقَدَّمَ الْجَزَاءُ اتَّصَلَ بِمَا قَبْلَهُ ، فَفُتِحَتْ " أَنْ " .
الثَّامِنُ : " مِنْ أَجْلِ " فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=32مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ ( الْمَائِدَةِ : 32 ) فَإِنَّهُ لِتَعْلِيلِ الْكَتْبِ ، وَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ الْوَقْفُ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=31مِنَ النَّادِمِينَ ( الْمَائِدَةِ : 31 ) وَظَنَّ قَوْمٌ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ : " مِنَ النَّادِمِينَ " أَيْ : مِنْ أَجْلِ قَتْلِهِ لِأَخِيهِ ، وَهُوَ غَلَطٌ ; لِأَنَّهُ يُشَوِّشُ صِحَّةَ النَّظْمِ وَيُخِلُّ بِالْفَائِدَةِ .
فَإِنْ قُلْتَ : كَيْفَ يَكُونُ قَتْلُ أَحَدِ ابْنَيْ آدَمَ لِلْآخَرِ عِلَّةً لِلْحُكْمِ عَلَى أُمَّةٍ أُخْرَى بِذَلِكَ الْحُكْمِ ؟ وَإِذَا كَانَ عِلَّةً فَكَيْفَ كَانَ قَتْلُ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ بِمَنْزِلَةِ قَاتِلِ النَّاسِ كُلِّهِمْ ؟ قِيلَ : إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَجْعَلُ أَقْضِيَتَهُ وَأَقْدَارَهُ عِلَلًا لِأَسْبَابِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَمْرِهِ ، فَجَعَلَ حُكْمَهُ الْكَوْنِيَّ الْقَدَرِيَّ عِلَّةً لِحِكْمَةِ أَمْرِهِ الدِّينِيِّ ; لِأَنَّ الْقَتْلَ لَمَّا كَانَ مِنْ أَعْلَى أَنْوَاعِ الظُّلْمِ وَالْفَسَادِ فَخَّمَ أَمَرَهُ ، وَعَظَّمَ شَأْنَهُ ، وَجَعَلَ إِثْمَهُ أَعْظَمَ مِنْ إِثْمِ غَيْرِهِ ، وَنَزَّلَ قَاتِلَ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ مَنْزِلَةَ قَاتِلِ الْأَنْفُسِ كُلِّهَا فِي أَصْلِ الْعَذَابِ لَا فِي وَصْفِهِ .
التَّاسِعُ : التَّعْلِيلُ بِـ " لَعَلَّ " ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=21اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( الْبَقَرَةِ : 21 ) قِيلَ : هُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ : ( اعْبُدُوا ) وَقِيلَ : لِقَوْلِهِ : ( خَلَقَكُمْ ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=183كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( الْبَقَرَةِ : 183 ) حَيْثُ لُمِحَ فِيهَا مَعْنَى الرَّجَاءِ رَجَعَتْ إِلَى الْمُخَاطَبِينَ .
[ ص: 172 ] الْعَاشِرُ : ذِكْرُ الْحُكْمِ الْكَوْنِيِّ أَوِ الشَّرْعِيِّ عَقِبَ الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ لَهُ ; فَتَارَةً يُذْكَرُ بِأَنَّ ، وَتَارَةً بِالْفَاءِ ، وَتَارَةً يُجَرَّدُ .
فَالْأَوَّلُ : كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=89وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ الْأَنْبِيَاءِ : 89 ) إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=90خَاشِعِينَ ( الْأَنْبِيَاءِ : 90 ) وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=15إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ ( الذَّارِيَاتِ : 15 - 16 ) .
وَالثَّانِي : كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ( الْمَائِدَةِ : 38 )
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ( النُّورِ : 277 ) .
وَالثَّالِثُ : كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=45إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ( الْحِجْرِ : 45 - 46 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=277إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( الْبَقَرَةِ : 277 ) .
الْحَادِي عَشَرَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28914تَعْلِيلُهُ سُبْحَانَهُ عَدَمَ الْحُكْمِ بِوُجُودِ الْمَانِعِ مِنْهُ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=33وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ ( الزُّخْرُفِ : 33 ) الْآيَةَ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=27وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ ( الشُّورَى : 27 )
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ( الْإِسْرَاءِ : 59 ) أَيْ : آيَاتِ الِاقْتِرَاحِ ، لَا الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ الرُّسُلِ الَّتِي تَأْتِي مِنْهُ سُبْحَانَهُ ابْتِدَاءً .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=44وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ( فُصِّلَتْ : 44 ) .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ( الْأَنْعَامِ : 8 ) فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يَمْنَعُ مِنْ إِنْزَالِ الْمَلَكِ عَيَانًا بِحَيْثُ يُشَاهِدُونَهُ ، وَإِنَّ عِنَايَتَهُ وَحِكْمَتَهُ بِخَلْقِهِ اقْتَضَتْ مَنْعَ ذَلِكَ ; بِأَنَّهُ لَوْ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْمَلَكَ ثُمَّ عَايَنُوهُ وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ لَعُوجِلُوا بِالْعُقُوبَةِ ، وَجُعِلَ الرَّسُولُ بَشَرًا لِيُمْكِنُهُمُ التَّلَقِّي عَنْهُ وَالرُّجُوعُ إِلَيْهِ ، وَلَوْ جَعَلَهُ مَلَكًا فَإِمَّا أَنْ يَدَعَهُ عَلَى هَيْئَتِهِ الْمَلَكِيَّةِ أَوْ يَجْعَلَهُ عَلَى هَيْئَةِ الْبَشَرِ ، وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُهُمْ مِنَ التَّلَقِّي عَنْهُ ، وَالثَّانِي لَا يَحْصُلُ مَقْصُودُهُ ، إِذَا كَانُوا يَقُولُونَ هُوَ بَشَرٌ لَا مَلَكٌ .
[ ص: 173 ] الثَّانِي عَشَرَ :
nindex.php?page=treesubj&link=28914إِخْبَارُهُ عَنِ الْحِكَمِ وَالْغَايَاتِ الَّتِي جَعَلَهَا فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=22الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ( الْبَقَرَةِ : 22 ) الْآيَةَ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=6أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا ( النَّبَأِ : 6 ) الْآيَاتِ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا الْآيَةَ .
وَكَمَا يَقْصِدُونَ الْبَسْطَ وَالِاسْتِيفَاءَ يَقْصِدُونَ الْإِجْمَالَ وَالْإِيجَازَ ، كَمَا قِيلَ :
يَرْمُونَ بِالْخُطَبِ الطُّوَالِ وَتَارَةً وَحْيُ الْمَلَاحِظِ خِيفَةَ الرُّقَبَاءِ
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=21وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ( الرُّومِ : 21 ) .