[ ص: 170 ] الجناس : هو تشابه اللفظين في اللفظ .
قال في " كنز البراعة " : وفائدته الميل إلى الإصغاء إليه ، فإن مناسبة الألفاظ تحدث ميلا وإصغاء إليها ، ولأن اللفظ المشترك إذا حمل على معنى ثم جاء والمراد به آخر كان للنفس تشوق إليه .
وأنواع الجناس كثيرة .
منها : التام بأن يتفقا بأنواع الحروف وأعدادها وهيئاتها كقوله تعالى :
ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة [ الروم : 55 ] ، قيل : ولم يقع منه في القرآن سواه .
واستنبط شيخ الإسلام
ابن حجر موضعا آخر وهو :
يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار [ النور : 43 ، 44 ] .
وأنكر بعضهم كون الآية الأولى من الجناس ، وقال : الساعة في الموضعين بمعنى واحد ، والتجنيس : أن يتفق اللفظ ويختلف المعنى ، ولا يكون أحدهما حقيقة والآخر مجازا ، بل يكونا حقيقتين ، وزمان القيامة وإن طال لكنه عند الله في حكم الساعة الواحدة ، فإطلاق الساعة على القيامة مجاز ، وعلى الآخرة حقيقة ، وبذلك يخرج الكلام عن التجنيس ، كما لو قلت : ركبت حمارا ولقيت حمارا ، تعني بليدا .
ومنها : المصحف : ويسمى جناس الخط ، بأن تختلف الحروف في النقط كقوله :
والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين [ الشعراء : 79 ، 80 ] .
ومنها : المحرف بأن يقع الاختلاف في الحركات كقوله :
ولقد أرسلنا فيهم منذرين فانظر كيف كان عاقبة المنذرين [ الصافات : 72 ، 73 ] ، وقد اجتمع التصحيف والتحريف في قوله :
وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا [ الكهف : 104 ] .
ومنها : الناقص بأن يختلف في عدد الحروف ؛ سواء كان الحرف المزيد أولا أو وسطا أو آخرا ، كقوله :
والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق [ القيامة : 29 ، 30 ] ،
ثم كلي من كل الثمرات [ النحل : 69 ] .
[ ص: 171 ] ومنها : المذيل بأن يزيد أحدهما أكثر من حرف في الآخر أو الأول ، وسمى بعضهم الثاني بالمتوج كقوله :
وانظر إلى إلهك [ طه : 97 ] ،
ولكنا كنا مرسلين [ القصص : 45 ] ،
من آمن به [ الأعراف : 86 ] ،
إن ربهم بهم [ العاديات : 11 ] ،
مذبذبين بين ذلك [ النساء : 143 ] .
ومنها : المضارع ، وهو أن يختلفا بحرف مقارب في المخرج ؛ سواء كان في الأولى أو الوسط أو الآخر كقوله تعالى :
وهم ينهون عنه وينأون عنه [ الأنعام : 26 ] .
ومنها : اللاحق بأن يختلفا بحرف غير مقارب فيه كذلك ، كقوله :
ويل لكل همزة لمزة [ الهمزة : 1 ] ،
وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد [ العاديات : 7 ، 8 ] ،
ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون [ غافر : 75 ] ،
وإذا جاءهم أمر من الأمن [ النساء : 83 ] .
ومنها : المرفق : وهو ما تركب من كلمة وبعض أخرى كقوله :
جرف هار فانهار [ التوبة : 105 ] .
ومنها : اللفظي : بأن يختلفا بحرف مناسب للآخر مناسبة لفظية كالضاد والظاء ، كقوله :
وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة [ القيامة : 22 ، 23 ] .
ومنها : تجنيس القلب : بأن يختلفا في ترتيب الحروف ، نحو :
فرقت بين بني إسرائيل [ 94 : 20 ] .
ومنها : تجنيس الاشتقاق : بأن يجتمعا في أصل الاشتقاق ، ويسمى المقتضب ، نحو :
فروح وريحان [ الواقعة : 89 ] ،
فأقم وجهك للدين القيم [ الروم : 43 ] ،
وجهت وجهي [ الأنعام : 79 ] .
ومنها : تجنيس الإطلاق : بأن يجتمعا في المشابهة فقط كقوله :
وجنى الجنتين [ الرحمن : 54 ] ،
قال إني لعملكم من القالين [ الشعراء : 168 ] ،
ليريه كيف يواري [ المائدة : 31 ] ،
وإن يردك بخير فلا راد [ يونس : 107 ] ،
اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم [ التوبة : 38 ] ،
وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض إلى قوله :
فذو دعاء عريض [ فصلت : 51 ] .