سعيد بن يزيد بن مسلمة أبو مسلمة أزدي طاحي - بالطاء المهملة والحاء المهملة أيضا - منسوب إلى طاحية - بطن من الأزد - من أهل البصرة ، متفق على الاحتجاج بحديثه . والحديث دليل على جواز الصلاة في النعال . ولا ينبغي أن يؤخذ منه الاستحباب ، لأن ذلك لا يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة . فإن قلت : لعله من باب الزينة ، وكمال الهيئة ، فيجري مجرى الأردية والثياب التي يستحب التجمل بها في الصلاة ؟ . قلت : هو - وإن كان كذلك - إلا أن ملابسته للأرض التي تكثر فيها النجاسات مما يقصر به عن هذا المقصود ، ولكن البناء على الأصل ، إن انتهض دليلا على الجواز ، فيعمل به في ذلك . والقصور الذي ذكرناه عن الثياب المتجمل بها يمنع من إلحاقه بالمستحبات إلا أن يرد دليل شرعي بإلحاقه بما يتجمل به فيرجع إليه ، ويترك هذا النظر ، ومما يقوي هذا النظر - إن لم يرد دليل على خلافه - أن التزين في الصلاة من الرتبة الثالثة من المصالح ، وهي رتبة التزيينات والتحسينات ، ومراعاة أمر النجاسة : من الرتبة الأولى وهي الضروريات ، أو من الثانية وهي الحاجيات على حسب اختلاف العلماء في حكم إزالة النجاسة . فيكون رعاية الأولى بدفع ما قد يكون مزيلا لها أرجح بالنظر إليها . ويعمل بذلك في عدم الاستحباب . [ ص: 254 ] وبالحديث في الجواز ، وترتب كل حكم على ما يناسبه ، ما لم يمنع من ذلك مانع . والله أعلم . وقد يكون في الحديث دليل على جواز البناء على الأصل في حكم النجاسات والطهارات . واختلف الفقهاء فيما إذا عارضه الغالب : أيهما يقدم ؟ وقد جاء في الحديث الأمر بالنظر إلى النعلين ، ودلكهما إن رأى فيهما أذى ، أو كما قال فإذا كان الغالب إصابة النجاسة : فالظاهر رؤيتها لأمره بالنظر ، فإذا رآها فالظاهر دلكهما لأمره بذلك عند الرؤية . فإذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم - وكان طهورا لهما ، على ما جاء في الحديث - لم يكن ذلك من باب تعارض الأصل والغالب ، بل يكون من ذلك الباب : ما لو صلى فيهما من غير ذلك . فإن قلت : الأصل عدم دلكه . قلت : لكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمر بشيء من هذا لم يتركه ، كما بيناه . والظن المستفاد بهذا راجح على الأصل الذي ذكرته ، وهو أنه لم يدلكه . .