[ ص: 149 ] الفصل الثاني : في
التصرف في الطعام قبل القبض على وجه المعروف .
وهو الشركة وفي الجواهر : أرخص في الشركة والإقالة والتولية تنزيلا للثاني منزلة المشتري ، ويمتنع اقتران العقدين في أجل أو مقدار أو غيرهما ، وروي امتناع الشركة قبل القبض ، ومنع الأئمة الجميع إلا الإقالة جوزها
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل وحده ; لأنها إقالة عنده ، ومنه أقال الله عثرتك : أزالها ، وحجة الجميع نهيه عليه السلام عن بيع الطعام قبل قبضه ، وهذه بياعات .
وجوابه : أنه روي في الحديث في
أبي داود ، وأرخص في الشركة والإقالة والتولية ، ولأن الثلاثة معروف فيجوز القرض .
فرع
في الكتاب : للمشترك والولي زيادة الكيل ونقصانه ، فإن كثر رجع عليك بحصته من الثمن إن نقص ، ويرد الزيادة إن زاد .
فرع
قال : تولية البعض بحصته من الثمن كالكل ، قال
ابن يونس : كل ما بيع بعرض يرجع فيه إلى القيمة تمتنع فيه الشركة والتولية لا بالقيمة ولا بالمثل ، وتجوز الإقالة فيه مع قيام العرض ، فإن فات امتنعت ; لأنها تصير مبايعة بالقيم ، وإن كان يكال أو يوزن فهو كالعين .
فرع
قال
اللخمي : إذا اشترى طعاما بثمن إلى أجل : قال
مالك في الكتاب :
[ ص: 150 ] تجوز الشركة فيه قبل القبض ، وعلى هذا تجوز التولية ، ومنع
ابن القاسم التولية حتى يقبضه ، ومنع
أشهب الإقالة ; لأنها حل بيع كمن وصله طعام من إجارة أو اشتراه بعرض ، لا تصح فيه الإقالة ما لم يثبت العرض ، أو يعمل الأجير فيمتنع الجميع ، وتمتنع الشركة والتولية لاختلاف الذمم ، فقد تكون ذمة الذي أشرك أو ولي دونه ، وإذا اشترى طعاما قريب الغيبة واشترط النقد جازت الشركة والتولية أو بعد الغيبة ، واشترط أن لا نقد إلا بعد القبض جازت الشركة والتولية عند
مالك : ويمتنعان على القول الآخر لاختلاف الذمم فيشبه الشراء بثمن إلى أجل ، ويختلف في الإقالة هل تجوز ؟ لأن الذمم تبرأ من الآن أو لأنه يأخذ طعاما غائبا عن دين ، فيدخله فسخ دين في دين ، وبيع طعام قبل قبضه .
فرع
قال صاحب البيان : إذا اشترى قمحا بدينار فولى نصفه بنصف دينار ، ورد نصفه دراهم مكروه لمشابهة البيع بالمكايسة . وهو يخرج على مسألة من وجد له نصف دينار هل يراعي فيه خلو الذمة فيجوز على القول بالجواز ، ويمتنع على القول بالمنع ؟ وأما بعد كيله الطعام فيجوز ; لأنه بيع جديد .
فرع
قال : قال
ابن القاسم : لا تجوز
التولية في طعام اشتراه بعينه غائبا بالصفة ; لاختلاف الذمم إذا المشتري لم ينقد لغيبة الطعام ، ويجوز في الغيبة التي
[ ص: 151 ] يجوز النقد فيها لقربها ، لأنه لا يشبه الدين بالدين ، وكذلك لو استقال منه دخله الدين بالدين ; لأنه وضع عن نفسه ثمنا دينا بسلعة غائبة ، قال : وهذا لا يستقيم ; لأنه لو كان هذا بيع دين بدين لامتنع بيع العروض ، وهو يجيره ، والإقالة إنما هي فسخ دين في دين لا بيع دين في دين ; لأن البائع فسخ الثمن في السلعة .
فرع
قال : قال
ابن القاسم : لا تجوز
الزيادة في الإقالة في الطعام قبل الكيل ; لأنه بيع الطعام قبل قبضه ، فإن اكتاله ولم يتفرقا ، أو لم يقف عليه المبتاع ، وكان الثمن نقدا ولم ينقده امتنعت الزيادة ; لأنها إن كانت ذهبا إلى أجل ، والثمن ذهبا كان بيعا وسلفا ; لأن البائع اشترى الطعام ببعض الثمن الذي وجب له نقدا ، وأسلفه بقيمته إلى أجل ، وإن كانت ورقا نقدا جاز وتمتنع مؤجلة ; لأنه ذهب بورق إلى أجل ، وإن كانت عرضا مؤجلا كانت دينا بدين ، ويجوز أن يزيده معجلا ذهبا أو ورقا أو عرضا ، وأما إن نقد الثمن واكتال الطعام فيجوز مطلقا ; لأنه بيع حادث ، وإن كان الثمن مؤجلا واكتال ولم يفترقا جازت الزيادة من كل شيء نقدا إلا من جنس الثمن الذي عليه فيمتنع نقدا ، ويجوز إلى مثل الأجل ، ووزن الثمن وسيلة ، كأنه اشترى ببعض ماله عليه ، وبقيت بقية إلى أجله ، وإذا كان الثمن ذهبا فلا يزيده ورقا نقدا ولا إلى أجل أبعد من أجله ; لأنه صرف إلى أجل ، وكذلك إذا كان الثمن ورقا ولا يزيده غير النقدين مؤجلا ; لأنه دين بدين ، فإن تفرقا أو غاب عليه المبتاع امتنعت الزيادة مطلقا ; لأنه زيادة في السلف ، وإن كان البائع المستقل بزيادة ولم ينقد جازت بعد الكيل من سائر الأشياء نقدا ، أو إلى أجل كيف كان الثمن نقدا أم لا ، إلا أن تكون الزيادة في الطعام طعاما لتوقع التفاضل ، ومن غير الجنس يجوز
[ ص: 152 ] نقدا ، وتمتنع مؤجلا ; لدخول النسأ ، ولا اختلاف في شيء مما تقدم إلا في موضعين : أحدهما إذا كان المستقيل المبتاع بزيادة ، ووزن الثمن حال ، فإنه إجازة ، يريد : إذا كان أقل من نصف دينار ، ويجوز عند
أشهب إذا كان أكثر من صرف دينار ، وثانيهما قوله : إذا كان البائع هو المستقيل بزيادة طعام من غير صنفه ، فإنه إجارة إذا كانت الزيادة نقدا والثمن مؤجلا ، ومنعه
ابن حبيب إلا إذا كان الثمن حالا .
فرع
قال : قال
ابن القاسم :
العهدة في الشركة والتولية في البيع المعين على البائع الأول ; لأن الثاني نزل منزلته وبعد المفارقة على المشتري ، وقال
مالك : هي على المشتري مطلقا إلا أن يشترطها على البائع ; لأنه بائع ثان ولو بالحضرة فالعهدة على البائع الثاني مطلقا ، وإن اشترطها على البائع الأول جاز عند
ابن القاسم إذا باع بمثل ما اشتراها به أو أقل ، فإن كان بأكثر فلا يلزم البائع الأول ذلك إلا برضاه ; لأنه يقول : كانت العهدة لك علي بعشرة فلا أرضى بأكثر ، فإن رضي كان حميلا بالزائد في الاستحقاق ، وقال
ابن حبيب : لا يجوز ; لأنه ذمة بذمة إلا أن تكون على وجه الحمالة حتى يرجع المشتري الثاني في الاستحقاق بقدر الثمن الأول على من شاء منهما ، فتحصل في اشتراطها على البائع الأول في المبيع ثلاثة أقوال : الجواز وإن افترقا وطال ، والمنع وإن كان بالحضرة إلا أن يرضى على وجه الحمالة ، والفرق بين حضرة البيع وطوله ، وفي الشركة والتولية بالحضرة قولان على من تكون ، وجواز اشتراطها بعد الافتراق على البائع قولا واحدا .
[ ص: 153 ] فرع
قال
اللخمي : إذا أشركك على أن تشركه في طعام آخر امتنع لخروجها عن المعروف إلى المكايسة ، وكذلك التولية والإقالة ، فإن قال : أشركني وأشركك ورأس المال سواء ، كان محمل ذلك على بيع أحد الطعامين بالآخر ، فيجوز ; لأن الثمن لا يخرجه واحد منهما ، وإن كان رأس مال أحدهما دنانير والآخر دراهم ، أو عينا والآخر عرضا : امتنع لذهاب المعروف ، ويجوز : أقيلك على أن تقيلني ; لأنه بيع أحد الطعامين بالآخر ، فإن اختلف رأس المال ، أو اتفق واختلف الطعامان : امتنع لذهاب المعروف .
فرع
قيل :
أجرة الكيل بعد الاشتراك والتولية على المشتري الأول كالبيع ، وكما أن عليه العهدة ، وفي القرض على المقرض ، وإن كان الجميع معروفا ; لأن هذه تشبه البيع ، وقيل : ليس عليه ، قياسا على القرض ; لأن الجميع معروف .
فرع
قال : إذا قبض بعض الطعام جاز تولية المقبوض دون الجميع ، ومنع
ابن القاسم فيما لم يقبض ، وأجازه
ابن حبيب ، وإذا قبض البعض وعسر بالباقي قال
محمد : تمتنع الإقالة منه في الطعام وغيره ; لأنه بيع وسلف وبيع الطعام قبل قبضه ، لأن المقبوض انتفع به فكانت الزيادة بمنفعة ، فإن رد المقبوض ثم أقاله من الجميع امتنع ; لأنه بيع الطعام قبل قبضه ، لأن المقبوض مال من ماله ، فقد ولاه إياه ليقيله ، إلا أن يكون المقبوض يسيرا نحو العشرة في المائة .
[ ص: 154 ] فرع
قال : إن
أشركته على أن ينقد عنك امتنع ; لأنه بيع وسلف ويفسخ ، إلا أن يسقط السلف ، فإن قال لك قبل العقد : أشركني وانقد عني ، أو قال : اشتر وأشركني ، ثم قال بعد العقد : انقد عني جاز في الصرف وغيره ; لأنهما معروفان والبيع انعقد عليهما معا ، ولو اشترى لنفسه ثم قال : أشركني وانقد عني أو قال : أشركني ثم قال : انقد عني امتنع في الصرف للنسيئة ، وجاز في العروض إذا لم يكن سلما في الذمة ; لأنه بيع دين بدين ، وإذا كان الطعام حاضرا لم يجز أن يشركه على أن ينقد عنه ، فإن أشركه بغير شرط ثم قال : انقد عني ولم يكن الأول نقد جاز ، وإن نقد امتنع ، وعن
ابن القاسم أيضا : الجواز نقد أم لا ; لأنه معروف ، فإن كان الطعام سلما لم يجز إشراكه إلا أن ينقد بالحضرة لئلا يكون دينا بدين ، وإن كان الطعام غائبا امتنعت الشركة والتولية ، وإن كان معينا ; لأنه دين بدين ، قال
محمد : إلا أن ينقد قبل الافتراق ، ومحمل قوله في منع الشركة بشرط النقد في العروض سلما في الذمة على القول في التولية : أنها لا تجوز إلا في النقد ، وتجوز على قول الآخر إذا استوى رأس مال السلم .
فرع
في الكتاب : يمتنع أن يقيله من طعام السلم ، ويعطيه برأس المال ذهبا وكفيلا ، أو يحيل به ، أو يؤخر دينه يوما أو ساعة ; لأنه دين بدين ، وبيع الطعام قبل قبضه ، وإذا أخر دينه حتى طال انفسخت الإقالة وبقي البيع ، وإن قبض الثمن من المحال عليه قبل مفارقة المحيل جاز للقرب ، ولو وكل البائع من يدفع رأس المال وذهب ، أو وكلت أنت وذهبت ، فإن وقع القبض قبل التفرق
[ ص: 155 ] جاز ، وإلا فلا ، قال
ابن يونس : وكذلك كان ينبغي في الحوالة لأجل القرب .