الشرط الثاني :
السلامة من السلف بزيادة لنهيه عليه السلام عما جر نفعا من السلف
قاعدة :
شرع الله تعالى السلف للمعروف والإحسان ، ولذلك استثناه من الربا المحرم فيجوز دفع أحد النقدين فيه ليأخذ مثله نسيئة ، وهو محرم في غير القرض ، لكن رجحت مصلحة الإحسان على مصلحة الربا فقدمها الشرع عليها على عادته في تقديم أعظم المصلحتين على أدناهما عند التعارض ، فإذا وقع القرض ليجر نفعا للمقرض بطلت مصلحة الإحسان بالمكايسة فيبقى الربا سالما عن المعارض ، فيما يحرم فيه الربا فيحرم للربا ، ولكونهما خالفا مقصود الشرع وواقعا ما لله لغير الله ، ويحرم ذلك فيما لا ربا فيه كالعروض للمعنى الثاني دون الأول ، فلهذه القاعدة يشترط اختلاف جنس الثمن والمثمن ; لأن السلف لا يتحقق في المختلفين فتتعذر التهمة .
تمهيد : قال
أبو الطاهر : أصل
مالك حمل الناس على التهمة ومراعاة ما
[ ص: 232 ] يرجع إليهم وما يخرج منهم دون أموالهم ، فالمسلم فيه إن خالف الثمن جنسا أو منفعة جاز لبعد التهمة أو اتفقا امتنع إلا أن يسلم الشيء في مثله ، فيكون قرضا محضا ، ولا يضرنا لفظ السلم ، كما أنه لا ينتفع مع التهمة وإن كانت المنفعة للدافع امتنع اتفاقا ، وكذلك إن دارت بين الاحتمالين لعدم تعين مقصود الشرع ، فإن تمحضت للقابض الجواز وهو ظاهر ، والمنع لصورة المبايعة ، وللمسلف رد العين ، وهاهنا اشترط الدافع رد المثل دون العين فهو عرض له ، وإن اختلف الجنس دون المنفعة فقولان : الجواز للاختلاف ، والمنع لأن مقصود الأعيان منافعها ، فهو كاتحاد الجنس ، وإن اختلفت المنفعة دون الجنس جاز لتحقق المبايعة .