الشرط الخامس :
أن يكون المسلم فيه على ضبطه بالصفة .
قاعدة : مقصود الشارع ضبط الأموال على العباد ; لأنه أناط بها مصالح دنياهم وأخراهم ، فمنع لذلك من تسليم الأموال للسفهاء ، ونهى عليه السلام عن إضاعة المال وعن بيع الغرر والمجهول كذلك ، فيجب لذلك أن يكون المشترى إما معلوما بالرؤية - وهو الأصل - أو الصفة وهو رخصة لفوات بعض المقاصد لعدم الرؤية ، لكن الغالب حصول الأغلب فلا عبرة بالنادر ، فما لا تضبطه الصفة تمتنع المعاوضة عليه لتوقع سوء العاقبة بضياع المالية في غير معتبر في تلك المالية .
فرع
في الكتاب : يمتنع
السلم في تراب المعادن ; لأنه مجهول الصفة ، وفي
تراب الصواغين للجهل بما فيه .
قال
سند : فإن لم يفسخ تراب الصواغين حتى صفى رد البائع وعليه الأجرة ، بخلاف
تراب المعادن يجوز بيعه إذا عين ، واختلف فيه إذا لم يعين ، وهذا يمنع مطلقا ، وقال بعض الأصحاب : له الأجرة في تراب الصواغين ما لم يجاوز ما وجد فيه ، كالتمر يباع قبل الصلاح للتبقية فيبقيه ثم يفسخ فيرجع بالعلاج عند
ابن القاسم في قيمة الثمرة . قاله
ابن يونس ، قال
ابن حبيب : إذا لم يخرج له في تراب الصواغين شيء فله الأجرة ، قال : والصواب عدم الأجرة إذا لم يخرج شيء لدخولهما على الغرر ، ويرجع بجميع
[ ص: 241 ] الثمن ، فإن خرج شيء خير البائع بين أخذه ، ودفع الأجرة وجميع الثمن ، أو تركه ودفع الثمن ، وقيل : لا بد أن يكون له قيمة ، فإذا أفاته بالعمل كان الخارج له ، وعليه القيمة على غرره ، وقيل : إن
ادعى مشتري الرماد تلفه قبل تخليصه فعليه قيمته على الرجاء والخوف .
نظائر : قال
العبدي :
يجوز السلم إلا في أربعة : ما لا ينقل كالدور والأرضين ، ومجهول الصفة كتراب المعادن والجزاف ، وما يتعذر جوده ، وما يمتنع بيعه كتراب الصواغين والخمر والخنزير .
فرع
قال
المازري : يجوز
السلم في الياقوت ونحوه ، ومنعه ( ح ) و ( ش ) لتعذر ضبطه بالصفة لفرط التفاوت في الصفاء والجودة ، وإن ضبطه تعذر الوفاء به ، ونحن نمنع المقامين ، بل يضبط بشدة الصفاء وقلته وتوسطه ، وكبر الحبة وصغرها وتوسطها وسلامتها من النمش ، ويشترط التدوير والاستطالة والوزن أو المقدار ، وما هو من أعراض أرباب الجواهر ، وكذلك يجوز
السلم في المركبات كالترياقات والإيارجات والغوالي والقسي ونحوها ، ومنعه ( ش ) لتعذر ضبطها ; لأن كل واحد من مفرداتها مقصود في نفسه ، فضبط قسط المركب من ذلك المفرد صفة ومقدارا يتعذر ، ويختص النشاب بنجاسة ريش النسر عنده ، والترياق بنجاسة لحوم الأفاعي ، والجواب عن الأول : أن المقصود في المركبات مقصود عادة ، ولا عبرة بما ذكروه ، وعن الثاني : أن السباع والحيات يطهران عندنا ، ومنع ( ح ) في السفرجل والبطيخ ونحوها من المعدودات لتفاوت أفرادها في الكيالة .