الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

صفحة جزء
مسألة : قال الشافعي : " وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها دلالة على الفرق بين الثيب والبكر في أمرين ، أحدهما : أن إذن البكر الصمت والتي تخالفها الكلام ، والآخر : أن أمرهما في ولاية أنفسهما مختلف ، فولاية الثيب أنها أحق من الولي ، والولي هاهنا الأب - والله أعلم - دون الأولياء " .

قال الماوردي : وهذا كما قال .

قد ذكرنا أن المراد بالأيم هاهنا الثيب لما قدمنا ، وإذا كان كذلك فقد استدل الشافعي بهذا الخبر على الفرق بين البكر والثيب في كلمتين :

[ ص: 52 ] إحداهما : الفرق بينهما في صفة الإذن .

والثاني : الفرق بينهما في الإجبار على العقد ، ونحن نقدم الكلام في الإجبار على العقد : لأنه أصل لم يعقبه بصفة الإذن في موضعه ، فنقول : النساء ضربان : أبكار ، وثيب .

فأما الثيب فيأتي حكمهن .

وأما الأبكار فلهن حالتان : حالة مع الأباء ، وحالة مع غيرهم من الأولياء .

فأما حالهن مع الآباء فهن ضربان : صغار ، وكبار .

فأما صغار الأبكار فللآباء إجبارهن على النكاح فيزوج الأب ابنته البكر الصغيرة من غير أن يراعي فيه اختيارها ، ويكون العقد لازما لها في صغرها وبعد كبرها ، وكذلك الجد وإن علا يقوم في تزويج البكر الصغيرة مقام الأب إذا فقد الأب .

والدليل عليه - وإن كان وفاقا - قوله تعالى : واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن [ الطلاق : 4 ] يعني الصغار ، والصغيرة تجب العدة عليها من طلاق الزوج ، فدل على جواز العقد عليها في الصغر .

وروي عن عائشة أنها قالت : تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة سبع ، ودخل بي وأنا ابنة تسع ، ومات عني وأنا ابنة ثماني عشر .

التالي السابق


الخدمات العلمية