مسألة : قال
الشافعي ، رحمه الله تعالى : "
ويؤتم بالأعمى والعبد " .
قال
الماوردي : وهذا صحيح .
أما العبد فلا تكره إمامته ، قال
الشافعي : لا أوثرها ولا أكرهها ، ولا أوثر إمامته على غيره ولا أكره إمامته وأوثر غيره عليه . يريد أن إمامة الأعمى والبصير في عدم الكراهة سواء ، غير أن إمامة البصير أفضل ، ولو كانت إمامة الأعمى لا تكره ، وحكى عن قوم منهم
ابن سيرين وربما أضيف إلى
أنس بن مالك أنهم كرهوا إمامة الأعمى ، لأمرين :
أحدهما : أنه لا يكاد يتوقى الأنجاس .
والثاني : أنه لا يقوم على صواب جهة القبلة حتى يقام عليها ، ويصوب نحوها ، فاعتوره النقص بهذين .
[ ص: 322 ] ودليلنا : ما روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=921629أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرارا يصلي بالناس وكان ضريرا . وكان
عتبان بن مالك يصلي بقومه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعلمهم وكان ضريرا ، لا ينهاه ولا يأمر قومه أن يستبدلوا بغيره ، ولأنه أحرى أن ينكف بصره عن المحارم ، فيكثر خشوعه ويخلص قلبه ، ولأن العمى فقد عضو وفقد الأعضاء لا تمنع من الإمامة كالأقطع .
فأما قولهم إنه لا يتوقى الأنجاس فلا تأثير له ، لأن الظاهر طهارته ، والشيء مبني على أصله ، وظاهره ، ولو اعتبرنا هذا لرأينا كثيرا من البصراء بهذا الوصف ، فلم يكن الأعمى مختصا ، وأما قولهم : إنه يرشد إلى القبلة ويوجه نحوها ، فذاك قبل دخوله في الصلاة ، فأما في وقت ائتمامهم به فإنه على ثقة من القبلة ، ويقين كالبصير .