مسألة : قال
الشافعي : " ولو
قال الجالد : قد ضربته وأنا أرى الإمام مخطئا ، وعلمت أن ذلك رأي بعض الفقهاء . ضمن إلا ما غاب عنه بسبب ضربه " .
قال
الماوردي : وجملته أن الإمام إذا أمر الجلاد بقتل أو جلد مختلف فيه ، كقتل المسلم بالكافر ، والحر بالعبد ، وحد الزنا بشهادة الراويين وحد القذف في التعريض ، لم يخل حالهما فيه من أربعة أقسام :
أحدهما : أن يعتقد الإمام والجلاد وجوبه ، فلا ضمان على واحد منهما قودا ولا دية ، ولا تكون مخالفة غيرها مانعا من نفوذ الحكم بالاجتهاد .
والقسم الثاني : أن يعتقداه غير واجب ، فالضمان فيه واجب ولا تكون مخالفة غيرها مسقطة للضمان ، وهي مسألة الكتاب : لأنه
ليس لأحد أن يقدم على قتل يعتقد حظره ، لأن غيره أباحه ، وإذا وجب الضمان فإن كان الجلاد غير مكره ، فالضمان على الجلاد دون الإمام . وإن كان مكرها ، فالضمان عليهما على التفصيل الذي قدمناه . وإذا وجب الضمان لم يخل المختلف فيه من أن يكون فيه نص أو لا نص فيه ، فإن لم يكن
[ ص: 422 ] فيه نص كحد الزنا بشهادة الراويين وحد القذف بالتعريض ، فالضمان متوجه إلى الدية دون القود . وإن كان فيه نص كقتل المسلم بالكافر ، فقد اختلف أصحابنا في وجوب القود فيه على وجهين :
أحدهما : وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة أن القود فيه واجب : لأجل النص .
والوجه الثاني : لا قود فيه : لشبهة الاختلاف .
والقسم الثالث : أن يعتقد الإمام وجوبه ، ويعتقد الجلاد حظره ، فإن أكره الجلاد على استيفائه ، فلا ضمان على الإمام لاجتهاده ، ولا ضمان على الجلاد لإكراهه ، وإن لم يكره الجلاد فلا ضمان على الإمام ، وفي ضمانه على الجلاد وجهان :
أحدهما : لا ضمان عليه : لأنه منفذ لحكم نفذ باجتهاد .
والوجه الثاني : عليه الضمان لإقدامه مختارا على استهلاك ما يعتقد وجوب ضمانه .
والقسم الرابع : أن يعتقد الإمام حظره ، ويعتقد الجلاد وجوبه ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يرده الإمام إلى اجتهاد الجلاد ، فلا ضمان على واحد منهما ، أما الإمام فلعدم فعله ، وأما الجلاد فلنفوذ اجتهاده .
والضرب الثاني : أن يأمر الإمام به ، ولا يرده إلى اجتهاده ، فلا ضمان على الجلاد ، سواء كان مكرها أو غير مكره : لأنه استوفاه بإذن مطاع ما يراه مسوغا في الاجتهاد . فأما الإمام فإن لم يكره الجلاد ، فلا ضمان عليه ، وإن أكرهه ضمن : لأنه اتجاه إلى ما لا يسوغ في اجتهاده . والله أعلم .