فصل : يشتمل على فروع من كتاب الأسارى والغلول
وإذا سبى الحربي جارية لمسلم ، فأولدها في دار الحرب أولا ثم غنمها المسلمون لم يملكوها ، وكان مالكها من المسلمين أحق بها وبأولادها .
ولو أسلم الحربي وهي معه وأولادها لم يملكها : لأنها ملك لمسلم غلب عليها بغير حق .
فأما قيمة أولادها ، ومهر مثلها ، فمعتبر بحال إيلاده لها ، فإن كان قبل إسلامه ، فلا قيمة عليه لأولادها ، ولا مهر لها عليه : لأن ذلك استهلاك منه في حال كفره ، وما استهلكه الحربي على المسلمين هدر .
وإن أولدها بعد إسلامه كان عليه قيمة أولادها ، ومهر مثلها : لأنه أولدها بشبهة ملك ، فلحقوا به ، وعتقوا عليه ، وهو مسلم ، فلا ينهدر ما استهلكه كالمسلم .
فرع : ولو
دخل مسلم دار الحرب ، فدفع إليه أهلها مالا ليشتري لهم به متاعا من بلاد الإسلام ، فللمال أمان إذا دخل به المسلم ، وإن لم يكن لمالكه أمان : لأن استئمانهم له أمان منه ، ولو خرج بالمال ذمي كان أمانه فاسدا ، فإن علم مالكه من أهل الحرب فساد أمانه كان المال مغنوما ، وإن لم يعلم فساد أمانه كان محروسا عليه حتى يصل إليه ، وحال الصبي والمجنون إذا أمن أحدهما حربيا كان الأمان فاسدا ، وكان مستأمن الصبي والمجنون محقون الدم ، حتى يعود إلى مأمنه إن لم يعلم بفساد الأمان ، فإن علم به كان مباح الدم ، وخرج
الربيع استئمان الذمي على المال على قولين ، وهو خطأ منه ، وحمله على هذا التفصيل أصح .
[ ص: 279 ] فرع :
ولو أسلم عبد لحربي في دار الحرب ، وخرج إلينا عتق ، ولو أقام في دار الحرب كان على رقه ، فإن سبي العبد ملكه الغانمون : لأنه وإن كان مسلما فهو عبد لحربي .
والفرق بين أن يعتق إذا خرج إلى دار الإسلام أو لا يعتق إن أقام في دار الحرب أنه إذا خرج ، فقد قهر سيده على نفسه فعتق ، وإذا أقام لم يقهره عليها فرق ، ألا ترى أن العبد لو أسلم ، وغلب على سيده الحربي وأولاده ، وأزواجه ، ودخل دار الإسلام عتق ، وصاروا له رقيقا .
فرع : وإذا دخل الحربي دار الإسلام ، واشترى عبدا مسلما ، ودخل به دار الحرب ، فسبي العبد ، فهل يملكه غانموه أم لا ؟ على قولين على اختلاف قولي
الشافعي في صحة
ابتياع الكافر للعبد المسلم ، فإن قيل بصحة ملكه ، ملكه الغانمون ، وإن قيل بفساده لم يملكوه ، وكان باقيا على ملك سيده المسلم .
فرع : وإذا دخل الحربي دار الإسلام بأمان لم يكن له أن يستكمل مقام حول إلا ببذل الجزية ، وإن شرط الإمام عليه عند دخوله أنه إن أقام حولا أخذت منه الجزية ، فأقام حولا وجبت عليه الجزية ، ولو شرط عليه أنه إن أقام حولا جعل نفسه من أهل الذمة ، فاستكمل حولا لم يصر من أهل الذمة إلا باختياره .
والفرق بين المسألتين : أن الشرط في الأولى للإمام : فالتزمه الحربي بغير اختياره ، وفي الثانية للذمي فلم يلزمه إلا باختياره .
وسوى
أبو حنيفة بينهما في اللزوم ، والفرق يمنع من استوائهما .
فرع : وإذا
غزا صبيان لا بالغ فيهم ، أو
نساء لا رجل بينهن ، أو
عبيد لا حر معهم ، وغنموا أخذ الإمام خمس غنيمتهم ، وفي أربعة أخماسها وجهان أشار إليهما
ابن أبي هريرة :
أحدهما : أن يقسم جميعه بينهم باسم الرضخ ، وإن كان في حكم السهام ، وليسوي بينهم فيه كأهل السهام .
والوجه الثاني : أنه يحبس بعضه عنهم بحسب ما يؤديه اجتهاده إليه ، لئلا يساووا فيه أهل السهام ، ويقسم الباقي بينهم بحسب ما يراه من مساواة وتفضيل .