فصل
يرعى شرط الواقف في الأقدار ، وصفات المستحقين ، وزمن الاستحقاق . فإذا
وقف على أولاده ، وشرط التسوية بين الذكر والأنثى ، أو تفضيل أحدهما ، اتبع
[ ص: 339 ] شرطه . وكذا
الوقف على العلماء بشرط كونهم على مذهب فلان ، أو على الفقراء بشرط الغربة ، أو الشيخوخة اتبع ، ولو
قال : على بني الفقراء ، أو على بناتي الأرامل ، فمن استغنى منهم ، وتزوج منهن ، خرج عن الاستحقاق ، فإن عاد فقيرا ، أو زال نكاحها ، عاد الاستحقاق .
قلت : ولم أر لأصحابنا تعرضا لاستحقاقها في حال العدة ، وينبغي أن يقال : إن كان الطلاق بائنا ، أو فارقت بفسخ ، أو وفاة استحقت ، لأنها ليست بزوجة في زمن العدة ، وإن كان رجعيا فلا ، لأنها زوجة . والله أعلم .
قال
العبادي في " الزيادات " : لو
وقف على أمهات أولاده إلا على من تزوج منهن ، فتزوجت خرجت ، ولا تعود بالطلاق ، والفرق من حيث اللفظ أنه أثبت الاستحقاق لبناته الأرامل ، وبالطلاق صارت أرملة ، وهنا جعلها مستحقة إلا أن تتزوج ، وبالطلاق لا تخرج عن كونها تزوجت . ومن حيث المعنى أن غرضه أن تفي له أم ولده فلا يخلفه عليها أحد ، فمن تزوجت لم تف ولو طلقت .
فرع
لو
شرط صرف غلة السنة الأولى إلى قوم ، وغلة السنة الثانية إلى آخرين ، وهكذا ما بقوا ، اتبع شرطه .
فرع
قال : وقفت على أولادي ، فإذا انقرض أولادي ، وأولاد أولادي فعلى الفقراء ،
[ ص: 340 ] فهذا وقف منقطع على الوسط الصحيح ، وحكمه ما سبق ، لأنه لم يجعل لأولاد الأولاد شيئا ، وإنما شرط انقراضهم لاستحقاق الفقراء . وقيل : يستحقون بعد انقراض أولاد الصلب .
فرع
وقف على بنيه الأربعة ، على أن من مات منهم وله عقب ، فنصيبه لعقبه ، ومن مات ولا عقب له ، فنصيبه لسائر أصحاب الوقف ، ثم مات أحدهم عن ابن ، وآخر عن ابنين ، وثالث ولا عقب له ، فنصيب الثالث بين الرابع ، وابن الأول الأول ، وابني الثاني بالسوية ، ولو قال : وقفت على بني الخمسة ، ومن سيولد لي على ما أفصله ، ثم فصل ، فقال : ضيعة كذا لابني فلان ، وحصة كذا لفلان ، إلى أن ذكر الخمسة ، ثم قال : وأما من سيولد لي ، فنصيبه أن من مات من الخمسة ، ولا عقب له يصرف حقه إليه ، فمات واحد من الخمسة ، ولا عقب له ، وولد للواقف ولد ، يصرف إلى المولود نصيب الميت ، وليس له شيء آخر بقوله أولا : وقفت على بني ومن سيولد لي ، لأن التفصيل المذكور آخرا بيان لما أجمله أولا ، وقد جرت عادة الشروطيين بمثله .
فرع
قال : وقفت على سكان موضع كذا ، فغاب بعضهم سنة ، ولم يبع داره ، ولا استبدل دارا ، لا يبطل حقه ، ذكره العبادي .
[ ص: 341 ] فرع
وقف على زيد بشرط أن يسكن موضع كذا ، ثم بعده على الفقراء ، والمساكين ، فهذا ( وقف ) منقطع ، لأن الفقراء إنما يستحقون بعد انقراضه ، واستحقاقه مشروط بشرط قد يتخلف .