الطرف الثالث : في موانع الولاية ، وهي خمسة .
( المانع ) الأول :
الرق ، فلا ولاية لرقيق ، ويجوز أن
يتوكل لغيره في قبول النكاح بإذن سيده قطعا ، وبغير إذنه على الأصح ، ولا يصح توكيله في الإيجاب على الأصح عند الجمهور . وقد سبق هذا في الوكالة .
( المانع ) الثاني : ما يسلب
النظر والبحث عن حال الزوج ، وفيه صور ست . إحداها : الصبا والجنون المطبق يمنعان الولاية وينقلانها إلى الأبعد . وفي الجنون المنقطع وجهان . أصحهما : أنه كالمطبق ، ويزوجها الأبعد يوم جنونه ، لبطلان أهليته . والثاني : لا يزيل ولايته كالإغماء ، فعلى هذا ينتظر حتى يفيق على الصحيح وقيل : يزوجها الحاكم كالغيبة ، والخلاف جار في الثيب المنقطع جنونها . فعلى رأي : تزوج في حال جنونها . وعلى رأي : ينتظر إفاقتها لتأذن . ولو وكل هذا الولي في إفاقته ، اشترط عقد وكيله قبل عود الجنون ، وكذا إذا أذنت الثيب ، يشترط
[ ص: 63 ] تقدم العقد على عود الجنون . قال الإمام : وإذا قصرت نوبة الإفاقة جدا ، لم تكن الحال حال تقطع ، لأن السكون اليسير لا بد منه مع إطباق الجنون . ولو
أفاق ، وبقيت آثار خبل يحمل مثلها ممن لا يعتريه الجنون على حدة في الخلق ، فهل تعود ولايته ، أم يستدام حكم الجنون إلى أن يصفو من الخبل ؟ فيه وجهان .
قلت : لعل الثاني أصح . - والله أعلم - .
الصورة الثانية : اختلال النظر لهرم أو خبل جبلي أو عارض ، يمنع الولاية وينقلها إلى الأبعد ، والحجر بالفلس لا يمنعها ، وبالسفه يمنعها على المذهب . وقيل : وجهان .
قلت : وحكى
الشاشي في المفلس وجها . - والله أعلم - .
[ الصورة ] الثالثة :
الإغماء الذي لا يدوم غالبا ، فهو كالنوم ، ينتظر إفاقته ، ولا يزوج غيره . وإن كان مما يدوم يوما أو يومين فأكثر ، فوجهان . أحدهما : نقل الولاية إلى الأبعد كالجنون . وأصحهما : المنع . فعلى هذا ، قال
البغوي وغيره : تنتظر إفاقته كالنائم . وقال الإمام : ينبغي أن تعتبر مدته بالسفر . فإن كانت مدة يعتبر فيها إذن الولي الغائب ، وقطع المسافة ذهابا ورجوعا ، انتظرت إفاقته ، وإلا ، فيزوج الحاكم ، ويرجع في معرفة مدته إلى أهل الخبرة .
[ الصورة ] الرابعة :
السكران الذي سقط تمييزه بالكلية كلامه لغو . فإن بقي له تمييز ونظر ، فالمذهب أنه لا يزوج ، وتنتظر إفاقته .
[ الصورة ] الخامسة :
الأسقام والآلام الشاغلة عن النظر ومعرفة المصلحة ، تمنع الولاية وتنقلها إلى الأبعد ، نص عليه ، وأخذ به الأصحاب .
[ ص: 64 ] [ الصورة ] السادسة :
للأعمى أن يتزوج قطعا ، وله أن يزوج على الأصح . ويجري الخلاف في
ولاية الأخرس الذي له كتابة أو إشارة مفهمة . وقيل : يزوج قطعا . فإن لم تكن مفهمة ، فلا ولاية له .