[ ص: 286 ] فصل
ذكرنا أن المفروض فرضا صحيحا ، كالمسمى في العقد ، حتى يتشطر بالطلاق قبل الدخول . فلو فرض فاسدا كخمر ، لغا ، ولم يؤثر في تشطر مهر المثل ، بخلاف التسمية الفاسدة في العقد ، فإنها تشطره .
فرع
نكح ذمي ذمية على أن لا مهر ، وترافعا إلينا ، حكمنا بحكمنا في المسلمين .
فصل
في بيان
مهر المثل
ويحتاج إليه في مواضع . منها : المفوضة ، وفي التفويض الفاسد ، وفي التسمية الفاسدة ، وفيما إذا نكح نسوة بمهر واحد وقلنا يوزع على مهور أمثالهن ، وفي وطء الشبهة والإكراه على الزنا ، وفيه مسائل .
إحداها :
مهر المثل هو القدر الذي يرغب به في أمثالها ، والركن الأعظم في الباب النسب ،
وينظر إلى نساء عصباتها ، وهن المنتسبات إلى من تنسب هذه إليه كالأخت وبنت الأخت ، والعمة وبنت العم ، ولا ينظر إلى ذوات الأرحام ، ويراعى في نساء العصبة قرب الدرجة ، وأقربهن الأخوات من الأبوين ، ثم من
[ ص: 287 ] الأب ، ثم بنات الإخوة من الأبوين ، ثم من الأب ، ثم العمات كذلك ، ثم بنات الأعمام . فإن تعذر اعتبار نساء العصبة ، اعتبر بذوات الأرحام كالجدات والخالات ، وتقدم القربى فالقربى من الجهات ، وكذا تقدم القربى فالقربى من الجهة الواحدة كالجدات . ولا يتعذر اعتبار نساء العصبة بموتهن ، بل يعتبر بعد موتهن ، وإنما يتعذر بفقدهن من الأصل ، وقد يكون للجهل بمقدار مهورهن ، أو لأنهن لم ينكحن . فإن تعذرت ذوات الأرحام ، اعتبرت بمثلها من الأجنبيات ، وكذا إن لم يكن نسبها معلوما ، وتعتبر العربية بعربية مثلها ، والأمة بأمة مثلها ، وينظر إلى شرف سيدها وخسته ، ومهر المعتقة بمعتقة مثلها . وفي وجه : تعتبر المعتقة بنساء الموالي .
الثانية : يعتبر مع ما ذكرناه البلد . فإذا كان نساء عصباتها ببلدتين هي في إحداهما ، اعتبر بعصبات بلدها . فإن كن كلهن ببلدة أخرى ، فالاعتبار بهن لا بأجنبيات بلدها ، وتعتبر المشاركة في الصفات المرغبة ، كالعفة ، والجمال ، والسن ، والعقل ، واليسار ، والبكارة ، والعلم ، والفصاحة ، والصراحة ، وهي أن تكون شريفة الأبوين ، وسائر الصفات التي تختلف بها الأغراض . وفي وجه : لا اعتبار باليسار وهو بعيد ، ومتى اختصت بصفة مرغبة ، زيد في مهرها . وإن كان فيها نقص ليس في النسوة المعتبرات مثله ، نقص من المهر بقدر ما يليق به .
الثالثة :
المعتبر غالب عادة النساء المعتبرات . فلو سامحت واحدة منهن ، لم يلزم الباقيات المسامحة ، إلا أن يكون لنقص دخل النسب وفترت الرغبات .
الرابعة :
مهر المثل يجب حالا من نقد البلد ، كقيمة المتلفات . وإن رضيت بالتأجيل ، لا يوجبه الحاكم مؤجلا ، لكن لها أن تسامح بالإنظار . فإن كانت النسوة المعتبرات ينكحن بمؤجل أو بصداق بعضه مؤجل ، لم يؤجل الحاكم أيضا
[ ص: 288 ] لكن ينقص ما يليق بالأجل . وإن جرت عادتهن بمسامحة العشيرة دون غيرهم ، خففنا مهر هذه في حق العشيرة دون غيرها . وكذا لو كن يخففن ، إذا كان الزوج شريفا ، خفف في حق الشريف دون غيره . وعن
الشيخ أبي محمد : أنه لا يلزم التخفيف في حق العشيرة والشريف . وقيل : مهر المثل الواجب بالعقد يجوز أن يختلف دون الواجب بالإتلاف ، والصحيح الأول .
فرع
تقادم العهد لا يسقط مهر المثل عندنا .
فرع
الوطء في النكاح الفاسد ، يوجب مهر المثل باعتبار يوم الوطء كالوطء بالشبهة ، ولا يعتبر يوم العقد ، إذ لا حرمة للعقد الفاسد .
فرع
إذا
وطئ مرارا بشبهة واحدة ، أو في نكاح فاسد ، لم يجب إلا مهر واحد . ولو وطئ بشبهة ، فزالت تلك الشبهة ، ثم وطئ بشبهة أخرى ، وجب مهران . ولو أكرهها على الزنا ، وجب بكل وطأة مهر ; لأن الوجوب هنا بالإتلاف ، وقد تعدد ولو وطئ الأب جارية الابن مرارا من غير إحبال ، فقيل : يجب بكل وطء مهر . والأصح أنه لا يجب إلا مهر واحد ; لأن شبهة الإعفاف تعم الوطآت ، وخصص
البغوي الوجهين بما إذا اتحد المجلس ، وجزم بالتكرار عند اختلاف المجلس . ووطء الشريك المشتركة ، والسيد المكاتبة مرارا ، كوطآت جارية الابن . وإذا وجب مهر واحد بوطآت ، اعتبر أكمل الأحوال .