فصل
أصدق ذمي خمرا ، ثم أسلما وترافعا إلينا ، فقد سبق أنه إن كان ذلك بعد القبض ، لم نحكم لها بشيء . وإن كانت غير مقبوضة ، حكمنا بوجوب مهر المثل . ولو صارت الخمرة المصدقة في يده خلا ، ثم أسلما أو أحدهما ، فوجهان . قال
ابن الحداد : لا شيء لها إلا الخل . وأصحهما وبه قال القفال : لها مهر المثل ; لأن الخمر لا تصلح صداقا ، ولا عبرة بذكرها إذا لم يتصل بها قبض قبل الإسلام . ولو أصدقها عصيرا ، فتخمر في يده ، ثم عاد خلا ، ثم أسلما أو ترافعا إلينا ، لزمه قيمة العصير . ولو قبضت الذمية الخمر ، ثم طلقها قبل الدخول ، ثم أسلما أو ترافعا إلينا ، فلا رجوع للزوج لعدم المالية ومنع إمساك الخمر . ولو صارت خلا عندها ، ثم طلقها قبل الدخول ، فهل للزوج الرجوع إلى نصفه لكون العين باقية وإنما تغيرت صفتها ، أم لا ترجع بشيء لأن حق الرجوع إنما يثبت إذا كان المقبوض مالا ، وهنا حدثت المالية في يدها فهو كزيادة منفصلة ؟ فيه وجهان . أصحهما : الأول ، وبه قال
ابن الحداد . فعلى هذا لو تلف الخل أو أتلفته ، ثم طلقها ، فوجهان . أصحهما وهو قول
الخضري : يرجع بمثل نصف الخل . والثاني وبه قال
ابن الحداد : لا يرجع بشيء ; لأن الرجوع فيه تعتبر قيمته يوم الإصداق والقبض ،
[ ص: 304 ] ولا قيمة لهذا يوم الإصداق والقبض . ولو
أصدقها جلد ميتة ، فقبضته ودبغته ، ثم طلقها قبل الدخول ، ففي رجوعه في نصفه وجهان مرتبان على تخلل الخمر ، وأولى بعدم الرجوع ; لأن ماليته حدثت بفعلها ومع الترتيب ، فالأصح الرجوع ، وبه قال
ابن الحداد . فعلى هذا : إن هلك الجلد عندها بعد الدباغ ، قال
ابن الحداد : لا يرجع . قال
الشيخ أبو علي : ينبغي أن لا يرجع هنا بلا خلاف ، بخلاف الخل ; لأنه مثلي والجلد متقوم ، والنظر في المتقوم إلى وقت الإصداق والإقباض ، ولم يكن له قيمة حينئذ . ولو ارتدت وانفسخ النكاح قبل الدخول ، فالقول في كل الخل وكل الجلد ، كالقول في النصف عند الطلاق .