الركن الخامس : الصيغة ، ولا بد منها ، ويشترط أن لا يتخلل بين الإيجاب والقبول كلام أجنبي ، فإن تخلل كلام كثير ، بطل الارتباط بينهما ، وإن تخلل كلام يسير ، لم يضر على الصحيح .
فصل
سألت زوجها طلاقا بعوض ، وارتدت عقب السؤال ثم أجابها ، فينظر ، إن كان قبل الدخول ، تنجزت الفرقة بالردة فلا مال عليها ولا طلاق . وإن كان بعد الدخول ، فالطلاق موقوف .
فإن أصرت حتى انقضت العدة ، فلا مال ولا طلاق . وإن أسلمت قبلها ، تبينا وقوع الطلاق ولزمها المال ، وحسبت العدة من وقت الطلاق .
ولو
قالت له امرأتاه : طلقنا بألف ، ثم ارتدتا ثم أجابهما ، فإن لم يكن دخل بهما ، لغا الطلاق ، وكذا لو كان دخل بهما وأصرتا حتى انقضت العدة . وإن أسلمتا قبلها ، تبينا وقوع الطلاق عليهما .
[ ص: 396 ] وهل العوض الواجب على كل واحدة مهر المثل ، أم نصف المسمى ، أم حصتها منه إذا وزع على مهر مثلهما ؟ فيه ثلاثة أقوال .
أظهرها : الأول . وإن أصرت إحداهما وأسلمت الأخرى ، لم يقع الطلاق على المصرة ، ويقع على المسلمة ، وفيما يلزمها الأقوال . وفي وجه يلزمها كل المسمى ، حكاه
الحناطي .
ولو ارتدت إحداهما ثم أجابهما وكان قبل الدخول أو بعده وأصرت حتى انقضت العدة ، طلقت المسلمة دون المرتدة .
ولو ابتدأ الزوج فقال طلقتكما بألف ، فارتدتا ، ثم قبلتا ، فإن لم يدخل بهما ، أو دخل وأصرتا ، لغا الخلع . وإن دخل بهما وأسلمتا في العدة ، طلقتا ، وإن أسلمت إحداهما وأصرت الأخرى ، لم تطلق واحدة منهما ، كما لو قبلت إحداهما دون الأخرى ، وقد سبق أنه إذا ابتدأ الزوج بالإيجاب ، فلا بد من قبولهما بخلاف ما إذا ابتدأتا .
ولو خاطبهما كما ذكرنا وارتدت إحداهما ثم قبلتا ، فإن كانت المرتدة غير مدخول بها ، أو مدخولا بها وأصرت حتى انقضت العدة ، فلا طلاق فيهما .
وإن أسلمت في العدة ، طلقتا . ولو ارتدتا بعد الدخول ثم قالتا : طلقنا بألف فأجابهما ثم أسلمتا ، طلقتا . وحكى
الحناطي خلافا ، في أنه يقع رجعيا أم ببدل ، وهذا الخلاف عجيب .
قلت : الصواب وقوعه بائنا ببدل ، كما أشار إليه
الرافعي . والله أعلم .
[ ص: 397 ] فصل
قال الزوج : خالعتك بألف درهم ، فقالت : قبلت الألف ، ففي " فتاوى
القفال " أنه يصح ويلزم الألف وإن لم تقل : اختلعت . وكذا لو قال الأجنبي : خالعت زوجتي بألف ، فقال : قبلته .
وإن
أبا يعقوب غلط فقال في حق المرأة : يشترط قولها : اختلعت ، ولا يشترط في الأجنبي .
فصل
قالت : طلقني على ألف ، فقال : طلقتك ، كفى وإن لم يسم المال ، كذا أطلقوه ، ويمكن جري خلاف فيه .
ولو قال المتوسط لها : اختلعت نفسك منه بكذا ؟ فقالت : اختلعت ، ثم قال للزوج وهو في المجلس : خالعتها ؟ فقال : خالعت ، صح الخلع على المذهب ، وبه قطع
البغوي .
[ قال
البغوي : ] ولو لم تسمع المرأة قول الزوج ، وسمع السفير كلامهما ، كفى ، والإسماع ليس بشرط ، ألا ترى أنه إذا خاطب أصم فأسمعه غير المخاطب وقبل ، صح العقد .