فصل
الآيسة والصغيرة ، والتي ظهر حملها وغير الممسوسة ، لا بدعة في طلاقهن ،
[ ص: 8 ] ولا سنة ؛ إذ ليس فيه تطويل عدة ، ولا ندم بسبب ولد . فلو
كانت الحامل ترى الدم وقلنا : هو حيض ، فطلقها فيه ، لم يحرم على الصحيح . وقال
أبو إسحاق : يحرم . وقد اشتهر في كلام الأصحاب أن الأربع المذكورات لا بدعة في طلاقهن ، ولا سنة ، وذلك للعبارات السابقة في تفسير السني والبدعي .
وربما أفهم كلامهم ، أنهم يعنون بذلك أنهن لا يجتمع لهن حالتا سنة وبدعة ، بل لا يكون طلاقهن إلا سنيا ، وهذا يستمر على تفسير السني بالجائز ، والبدعي بالمحرم ، وقد يغني عن التفاسير الطويلة .
فرع
نكح حاملا من الزنى ووطئها ثم طلقها ، قال
ابن الحداد وغيره : يكون الطلاق بدعيا ، لأن العدة تكون بعد وضع الحمل وانقضاء النفاس . ولو
وطئت منكوحة بشبهة فحبلت ، فطلقها زوجها وهي طاهر ، فهو حرام لأنها لا تشرع عقبه في العدة ، وكذا لو لم تحبل ، فشرعت في عدة الشبهة فطلقها ، وقدمنا عدة الشبهة . وقيل : لا يحرم لأنه لم يوجد منه إضرار .
ورجح
المتولي التحريم ، إذا حبلت ، وعدمه إذا لم تحبل ، والأصح ، التحريم مطلقا .
فرع
طلقها في طهر لم يجامعها فيه ثم راجعها ، فله أن يطلقها ، وحكى
القاضي حسين وجها ضعيفا : أنه يحرم طلاقها كيلا تكون الرجعة للطلاق ، وهذا سبب ثالث للطلاق على هذا الوجه .
[ ص: 9 ] فرع
لا تنقسم الفسوخ إلى سنة وبدعة ، لأنها شرعت لدفع مضار نادرة ، فلا يليق بها تكليف مراقبة الأوقات .
قلت : ومما يتعلق بهذا ، لو
أعتق أم ولده ، أو أمته الموطوءة في الحيض ، لا يكون بدعيا ، وإن طال زمن الاستبراء ، لأن مصلحة تنجيز العتق أعظم ، ذكره
إبراهيم المروزي . ولو
قسم لإحدى زوجتيه ، ثم طلق الأخرى قبل قسمها ، أثم وهذا سبب آخر لتحريم الطلاق ، وسبقت المسألة في كتاب القسم . والله أعلم .
فصل
لا بدعة في جمع الطلقات الثلاث ، لكن الأفضل تفريقهن على الأقراء ، أو الأشهر إن لم تكن ذات أقراء ، لتتمكن من الرجعة أو التجديد إن ندم ، فإن أراد أن يزيد في قرء على طلقة ، فرق على الأيام . وقيل : التفريق سنة ، وإن لم يكن الجمع بدعة ، والصحيح المنع .
قلت : ولو
كانت حاملا وأراد تطليقها ثلاثا ، فوجهان حكاهما في " البيان " أحدهما : يطلقها في كل شهر طلقة . والثاني ، وبه قال
الشيخ أبو علي : يطلقها في الحال طلقة ويراجع ، فإذا طهرت من النفاس ، طلقها ثانية ، ثم إذا طهرت من الحيض طلقها ثالثة . والله أعلم .