الباب السادس في
تعليق الطلاق
وهو جائز قياسا على العتق ، وقد ورد الشرع بتعليقه في التدبير .
[ ص: 115 ] وإن علقه ، لم يجز له الرجوع فيه ، وسواء علقه بشرط معلوم الحصول ، أو محتمله ، لا يقع الطلاق إلا بوجود الشرط في النوعين .
ولا يحرم الوطء قبل وجود الشرط ووقوع الطلاق .
وإذا علق بصفة ، ثم قال : عجلت تلك الطلقة المعلقة ، لم تتعجل على الصحيح . وحكى الشيخ
أبو علي وغيره وجها ، أنها تعجل . فإذا قلنا بالصحيح فأطلق وقال : عجلت لك الطلاق ، سألناه ، فإن قال : أردت تلك الطلقة ، صدقناه بيمينه ولم يتعجل شيء ، وإن أراد طلاقا مبتدءا ، وقع طلقة في الحال .
قلت : وإن لم يكن له نية ، لم يقع في الحال شيء . والله أعلم .
ولو عقب لفظ الطلاق بحرف شرط ،
فقال : أنت طالق إن ، فمنعه غيره من الكلام بأن وضع يده على فيه ، ثم قال : أردت أن أعلق على شرط كذا ، صدق بيمينه ، وإنما حلفناه لاحتمال أنه أراد التعليق على شيء حاصل ، كقوله : إن كنت فعلت كذا وقد فعله . ولو قطع الكلام مختارا حكم بوقوع الطلاق .
ولو ذكر حرف الجزاء ، ولم يذكر شرطا ، بأن
قال : فأنت طالق ، ثم قال : أردت ذكر صفة فسبق لساني إلى الجزاء ، قال القاضي
حسين : لا يقبل في الظاهر ، لأنه متهم ، وقد خاطبها بصريح الطلاق ، وحرف الفاء ، قد يحتمل غير الشرط ، ربما كان قصده أن يقول : أما بعد ، فأنت طالق .
ولو
قال : إن دخلت الدار أنت طالق بحذف الفاء ، فقد أطلق
البغوي وغيره ، أنه تعليق ، وقال
البوشنجي : يسأل ، فإن قال : أردت التنجيز ، حكم به ، وإن قال : أردت التعليق ، أو تعذرت المراجعة ، حمل على التعليق .
ولو
قال : إن دخلت الدار . وأنت طالق بالواو ، قال
البغوي : إن قال : أردت التعليق ، قبل ، أو التنجيز ، وقع ، وإن قال : أردت جعل الدخول ،
[ ص: 116 ] وطلاقها شرطين لعتق أو طلاق ، قبل ، قال
البوشنجي : فإن لم يقصد شيئا طلقت في الحال ، وألغيت الواو ، كما لو قال ابتداءا : وأنت طالق .
قلت : هذا الذي قاله
البوشنجي فاسد حكما ودليلا ، وليس كالمقيس عليه ، والمختار ، أنه عند الإطلاق تعليق بدخول الدار ، إن كان قائله لا يعرف العربية ، وإن عرفها ، فلا يكون تعليقا ولا غيره إلا بنية ، لأنه غير مقيد عنده ، وأما العامي ، فيطلقه للتعليق ، ويفهم منه التعليق . والله أعلم .
ولو
قال : أنت طالق وإن دخلت الدار ، طلقت في الحال ، وكذا لو قال : وإن دخلت الدار أنت طالق ، ولم يذكر الواو في " أنت " .
فرع
إذا
علق الطلاق بشرط ، ثم قال : أردت الإيقاع في الحال ، فسبق لساني إلى الشرط ، وقع في الحال لأنه غلظ على نفسه .