[ ص: 51 ] الفرض الثاني :
غسل الوجه ، ويجب استيعابه بالغسل وحده ، من مبدأ تسطيح الجبهة إلى منتهى الذقن طولا ، ومن الأذن إلى الأذن عرضا ، وتدخل الغايتان في حد الطول ، ولا تدخلان في العرض ، فليست النزعتان من الوجه ، وهما : البياضان المكتنفان للناصية أعلى الجبينين ، ولا موضع الصلع ، وهو : ما انحسر عنه الشعر فوق ابتداء التسطيح . وأما الصدغان وهما : في جانبي الأذن يتصلان بالعذارين من فوق ، فالأصح : أنهما ليسا من الوجه . ولو
نزل الشعر فعم الجبهة أو بعضها ، وجب غسل ما دخل في الحد المذكور ، وفي وجه ضعيف : لا يجب إلا إذا عمها . وموضع التحذيف : من الرأس ، لا من الوجه على الأصح . وهو الذي ينبت عليه الشعر الخفيف بين ابتداء العذار والنزعة . وأما شعور الوجه ، فقسمان : حاصلة في
حد الوجه ، وخارجة عنه . والحاصلة نادرة الكثافة وغيرها . فالنادرة : كالحاجبين ، والأهداب ، والشاربين ، والعذارين ، وهما : المحاذيان للأذنين بين الصدغ والعارض ، فيجب غسل ظاهر هذه الشعور وباطنها مع البشرة تحتها وإن كثفت . ولنا وجه شاذ : أنه لا يجب غسل منبت كثيفها ، وغير النادرة ; شعر الذقن والعارضين ، وهما : الشعران المنحطان عن محاذاة الأذنين . فإن كان خفيفا ، وجب غسل ظاهره وباطنه مع البشرة ، وإن كان كثيفا ، وجب غسل ظاهر الشعر فقط ، وحكي قول قديم ، وقيل وجه : إنه يجب غسل البشرة أيضا ، وليس بشيء . ولو خف بعضه وكثف بعضه ، فالأصح أن للخفيف حكم الخفيف المتمحض ، وللكثيف حكم الكثيف المتمحض . والثاني : للجميع حكم الخفيف .
وأما ضبط الخفيف والكثيف ، فالصحيح الذي عليه الأكثرون ، وهو ظاهر النص ، أن الخفيف : ما تتراءى البشرة تحته في مجلس التخاطب . والكثيف : ما يمنع الرؤية . والثاني : أن الخفيف : ما يصل الماء إلى منبته من غير مبالغة . والكثيف :
[ ص: 52 ] ما لا يصله إلا بمبالغة ، ويلحق بالنادر في حكمه المذكور لحية امرأة ، وخنثى مشكل ، وكذا عنفقة الرجل الكثيفة على الأصح . وعلى الثاني : هي كشعر الذقن .
القسم الثاني : الخارجة عن حد الوجه من اللحية ، والعارض ، والعذار ، والسبال طولا وعرضا ، والأظهر وجوب إفاضة الماء عليها ، وهو غسل ظاهرها . والثاني : لا يجب شيء . وقيل : يجب غسل الوجه الباطن من الطبقة العليا ، وقيل : يجب غسل السبال قطعا . والمذهب الأول .
قلت : قال أصحابنا : يجب
غسل جزء من رأسه ، ورقبته ، وما تحت ذقنه مع الوجه ، ليتحقق استيعابه . ولو قطع أنفه ، أو شفته ، لزمه غسل ما ظهر بالقطع في الوضوء ، والغسل على الأصح . ولو خرج من وجهه سلعة ونزلت عن حد الوجه ، لزمه غسل جميعها على المذهب . وقيل : في النازل قولان . ويجب غسل ما ظهر من حمرة الشفتين ، ويستحب غسل النزعتين . ولو خلق له وجهان ، وجب غسلهما ، ويستحب أن يأخذ الماء بيديه جميعا . والله أعلم .