فصل
المعتدات أصناف :
الأول :
من لها حيض وطهر صحيحان ، فتعتد بالأقراء وإن تباعد حيضها وطال طهرها .
الصنف الثاني :
المستحاضة ، فإن كان لها مرد ، اعتدت بالأقراء المردود إليها من تمييز أو عادة ، أو الأقل ، أو الغالب إن كانت مبتدأة كما سبق في الحيض ، والأظهر : رد المبتدأة إلى الأقل . وعلى القولين : إذا مضت ثلاثة أشهر ، انقضت عدتها ، لاشتمال كل شهر على حيض وطهر غالبا ، وشهرها ثلاثون يوما ،
والحساب من أول رؤية الدم ، هكذا أطلق ، ويمكن أن يعتبر بالأهلة ، كما سنذكره إن شاء الله تعالى في الناسية ، وقد أشار إليه مشيرون ، فإن لم يكن لها مرد وهي المتحيرة ، فقد سبق في كتاب الحيض أنها على قول ترد إلى مرد المبتدأة ، وأن المذهب أن عليها الاحتياط . فإن قلنا : كالمبتدأة ، انقضت عدتها بثلاثة أشهر ، وإن قلنا بالاحتياط ، فالأصح أنها كالمبتدأة أيضا لعظم المشقة في الانتظار . والثاني : يلزمها الاحتياط كمن تباعد حيضها ، فتؤمر بالتربص إلى سن اليأس ، أو أربع سنين ، أو تسعة أشهر ، على الخلاف الآتي ، ولا نقول : تمتد الرجعة وحق السكنى جميع هذه المدة ، لأن الزوج يتضرر به ، بل لا يزيد ذلك على ثلاثة أشهر ، ويختص الاحتياط بما يتعلق بها ، وهو تحريم النكاح .
وإذا قلنا : تنقضي عدتها بثلاثة أشهر في الحال ، فالاعتبار بالأهلة ، فإن انطبق الطلاق على أول الهلال ، فذاك ، وإن وقع في أثناء الشهر الهلالي ، فإن كان الباقي أكثر من خمسة عشر يوما ، حسب قرءا ، وتعتد بعده بهلالين . وإن كان خمسة عشر فما دونها ، فهل يحسب قرءا ؟ وجهان . أصحهما : لا . وعلى هذا ، فقد ذكر أكثرهم أن ذلك الباقي لا اعتبار به ، وأنها تدخل
[ ص: 370 ] في العدة لاستقبال الهلال . والمفهوم مما قالوا تصريحا وتلويحا أن الأشهر ليست متأصلة في حق الناسية ، ولكن يحسب كل شهر قرءا لاشتماله على حيض وطهر غالبا . وأشار بعضهم إلى أن الأشهر أصل في حقها ، كما في حق الصغيرة والمجنونة ، ومقتضى هذا أن تدخل في العدة من وقت الطلاق ، ويكون كما لو طلق ذات الأشهر في أثناء الشهر ، كما سنذكره إن شاء الله تعالى . ولو كانت
المتحيرة المنقطعة الدم ، ترى يوما دما ، ويوما نقاء ، لم تنقض عدتها إلا بثلاثة أشهر سواء قلنا بالتلفيق أم بالسحب .
والأطهار الناقصة المتخللة لا تنقضي بها العدة بحال .
الصنف الثالث : من لم تر دما ليأس ، وصغر ، أو بلغت سن الحيض أو جاوزته ولم تحض ، فعدتها ثلاثة أشهر بنص القرآن ، ولو
ولدت ولم تر حيضا قط ولا نفاسا ، فهل تعتد بالأشهر ، أم هي كمن انقطع حيضها بلا سبب ؟ وجهان . وبالأول قال الشيخ
أبو حامد .
قلت : الصحيح الاعتداد بالأشهر ، لدخولها في قول الله تعالى : (
واللائي لم يحضن ) وذكر
الرافعي في آخر العدد عن فتاوى
البغوي : أن التي لم تحض قط ، إذا ولدت ونفست ، تعتد بثلاثة أشهر ، ولا يجعلها النفاس من ذوات الأقراء فجزم
البغوي بهذا ، ولم يذكر
الرافعي هناك خلافا . والله أعلم .