الواجب الثالث :
الخادم . النساء صنفان ، صنف لا يخدمن أنفسهن في عادة البلد ، بل لهن من يخدمهن ، فمن كانت منهن ، فعلى الزوج إخدامها على المذهب وبه قطع الجمهور . وقيل في وجوب الخادم قولان ، وسواء في وجوب الإخدام كان الزوج معسرا أو موسرا أو مكاتبا أو عبدا ، والاعتبار بالمرأة في بيت أبيها . فلو ارتفعت بالانتقال إلى الزوج الخادم ، لم يجب ، صرح به في تعليق
الشيخ أبي حامد . والواجب خادم واحد وإن ارتفعت مرتبتها ، ولا يلزمه تمليكها جارية ، بل الواجب إخدامها بحرة أو أمة مستأجرة أو مملوكة ، أو بالاتفاق على من صحبتها من حرة أو أمة ، ويشترط كون الخادم امرأة أو صبيا ، أو محرما لها ، وفي مملوكها والشيخ الهرم اختلاف ، وفي الذمية وجهان ، لأن النفس تعاف استخدامها ، ثم إن أخدمها بمستأجرة ، فليس عليه إلا الأجرة ، وإن أخدمها مملوكته ، فعليه نفقتها بالملك ، وإن أخدمها بكفاية من صحبتها من حرة أو أمة فهذا موضع
نفقة الخادم . والقول في جنس طعامها كهو في جنس طعام المخدومة ، وأما قدره ، فقيل : لا يختلف باختلاف حال الزوج ، بل يجب مد مطلقا . والصحيح أنه يختلف ، فعلى المعسر مد ، والموسر مد وثلث ، والمتوسط مد على الصحيح ، وقيل : مد وثلث ، وقيل : مد وسدس . وفي استحقاق الخادم الأدم وجهان : أحدهما : لا ويكتفى بفضل المخدومة . والصحيح : نعم . فعلى هذا جنسه جنس أدم المخدومة ، وفي نوعه وجهان : أحدهما كالمخدومة ، وأصحهما وهو نصه دون نوع أدم المخدومة ، وطرد الوجهان في نوع
[ ص: 45 ] الطعام ، وفي استحقاق الخادم اللحم وجهان ، ثم قدر أدمها بحسب الطعام .
فرع
قالت : أنا أخدم نفسي ، وطلبت الأجرة ، أو نفقة الخادم ، لا يلزمه ، وأشار
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي إلى خلاف فيه ، فعلى المذهب ، لو اتفقا على ذلك ، قال
المتولي : هو على الخلاف في الاعتياض عن النفقة ، ولو
قال الزوج : أنا أخدمها لتسقط مؤنة الخادم ، فليس له ذلك على الأصح ، لأنها تستحي منه ، وتعير به ، وقيل : له ذلك ، وبه قال
أبو إسحاق ، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14847الشيخ أبو حامد ، وقال
القفال وغيره : له ذلك فيما لا يستحى منه كغسل الثوب ، واستقاء الماء ، وكنس البيت والطبخ ، دون ما يرجع إلى خدمة نفسها كصب الماء على يدها ، وحمله إلى المستحم ونحوهما وفي هذا تصريح بأن هذين النوعين من وظيفة الخادم . وعلى هذا إذا تولى بنفسه ما لا يستحى منه ، فقد
تولى عمل الخادم ، فهل تستحق تمام النفقة ، أم شطرها ، أم توزع على الأفعال ؟ فيه أوجه ، وهذا فيه كلامان ، أحدهما : ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14404أبو الفرج الزاز أن الذي يجب على الزوج كفايته في حق المخدومة الشريفة الطبخ والغسل ونحوهما دون حمل الماء إليها للشرب وحمله إلى المستحم ، لأن الترفع عن ذلك رعونة لا عبرة بها . الثاني : قال
البغوي يعني بالخدمة ما هو حاجتها ، كحمل الماء إلى المستحم ، وصبه على يدها ، وغسل خرق الحيض ونحوها ، فأما الطبخ والكنس والغسل ، فلا يجب شيء منها على المرأة ، ولا على خادمها ، بل هو على الزوج إن شاء ، فعله بنفسه ، وإن شاء بغيره ، فالكلامان متفقان على أنه لا يتوظف النوعان على خادم المرأة ، والاعتماد من الكلام على ما ذكره
البغوي .
قلت : الذي أثبته
الزاز من الطبخ والغسل ونحوهما هو فيما يختص بالمخدومة ، والذي نفاه
البغوي منهما هو فيما يختص بالزوج
[ ص: 46 ] كغسل ثيابه ، والطبخ لأكله ونحوه ، والطرفان متفق عليهما ، فلا خلاف بين الجميع في ذلك . والله أعلم .
فرع
تنازعا في تعيين الخادم التي تخدمها من جواريه أو من يستأجرها فهل المتبع اختيار المخدومة لأن الخدمة لها ، وقد تكون التي عينتها أرفق بها وأسرع موافقة ، أم المتبع اختيار الزوج لأن الواجب كفايتها ؟ فيه وجهان ، الصحيح الثاني هذا في الابتداء ، أما إذا أخدمها خادما وألفتها ، أو كانت حملت معها خادما ، فأراد إبدالها ، فلا يجوز ، لأنها تتضرر بقطع المألوف إلا إذا ظهرت ريبة أو خيانة ، فله الإبدال .
فرع
لو
أرادت استخدام ثانية وثالثة من مالها ، فللزوج منعهن دخول داره ، وكذا لو حملت معها أكثر من واحدة ، فله أن يخرج من داره من زاد على واحدة ، وله أن
يمنع أبويها من الدخول عليها ، وله أن
يخرج ولدها من غيره إذا استصحبته .
فرع
إذا
كانت المنكوحة رقيقة ، لكنها جميلة تخدم في العادة ، لم يجب إخدامها على المذهب ، وبه قطع الأكثرون لنقصها ، وقيل : وجهان ، ثانيهما يجب للعادة .
فرع
المبتوتة الحامل هل تستحق نفقة الخادم ؟ وجهان بناهما
nindex.php?page=showalam&ids=12888ابن المرزبان على أن نفقتها للحمل أم للحامل ، إن قلنا : للحامل ، وجبت وإلا فلا . الصنف الثاني من تخدم نفسها في العادة فينظر إن
احتاجت إلى الخدمة لزمانة أو مرض ، لزم الزوج إقامة من يخدمها ويمرضها ، وإذا لم تحصل
[ ص: 47 ] الكفاية بواحدة ، لزمه الزيادة بحسب الحاجة ، وسواء هنا كانت الزوجة حرة أو أمة ، هذا ما أطلقه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجمهور الأصحاب - رحمهم الله - في المرض ، ومنهم من فصل فقال : إن كان المرض دائما ، وجب الإخدام ، وإلا فلا ، وعلى هذا جرى الآخذون عن الإمام ، وإن لم يكن عذر محوج إلى الخدمة ، فليس عليه الإخدام ، ولو
أرادت أن تتخذ خادما من مالها فله منعه من دخول داره ، قال
المتولي : وعلى الزوج أن يكفيها حمل الطعام إليها ، والماء إلى المنزل ، وشبه ذلك .