[ ص: 214 ] باب .
استيفاء القصاص .
فيه أطراف :
الأول : فيمن له ولاية الاستيفاء ، أما القصاص ، فيستحقه جميع الورثة على فرائض الله تعالى ، وفي وجه تستحقه العصبة خاصة ، وفي وجه يستحقه الوارثون بالنسب دون السبب ، حكاهما
ابن الصباغ ، وهما شاذان .
والصحيح الأول وبه قطع الجمهور ، ولو قيل :
من ليس له وارث خاص ، فهل للسلطان أن يقتص من قاتله ، أم يتعين أخذ الدية ؟ فيه قولان سبقا في كتاب اللقيط .
وإن خلف بنتا ، أو جدة ، أو أخا لأم ، فإن قلنا : للسلطان الاستيفاء إذا لم يكن وارث ، استوفاه مع صاحب الفرض ، وإلا فالرجوع إلى الدية .
فرع .
لو كان في الورثة غائب ، أو صبي ، أو مجنون ، انتظر حضور الغائب أو إذنه ، وبلوغ الصبي ، وإفاقة المجنون ، وليس للآخرين الانفراد بالاستيفاء .
فرع .
إذا
انفرد صبي ، أو مجنون باستحقاق القصاص ، لم يستوفه وليه سواء فيه قصاص النفس والطرف ، وأما أخذ الولي له الدية ، وجواز رد المستحق لها إذا كمل واقتصاصه ، فقد ذكرناه في كتابي الحجر واللقيط ، ويحبس القاتل إلى أن يبلغ الصبي ويفيق المجنون ، ولا يخلى بالكفيل ، فقد يهرب ، ويفوت الحق .
وكذلك يحبس إلى أن يقدم الغائب ، كما لو وجد الحاكم مال ميت مغصوبا ، والوارث غائب ، فإنه يأخذه حفظا لحق الميت ، وذكر ابن الصباغ أنه لا يحبس في قصاص الطرف إلى قدوم الغائب ، لأن الحاكم لا ولاية له على الغائب
[ ص: 215 ] المكلف ، كما لا يأخذ ماله المغصوب ، وفي كلام الإمام وغيره ما ينازع فيه ويشعر بأنه يأخذ مال الغائب ويحفظه له ، وأنه يحبس لقصاص الطرف .
وفي أمالي
السرخسي أن الشيخ
أبا علي قال : لا يحبس القاتل ، لأنه عقوبة زائدة ، وحمل الحبس في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله على التوقف للانتظار ، والصحيح الأول ، وبه قطع الجماهير قال الأصحاب : وحبسه أهون عليه من تعجيل القتل ، ولا طريق إلى حفظ الحق سواه .