فرع
العذر المبيح ترك الجمعة يبيحه وإن طرأ بعد الزوال ، إلا السفر ، فإنه يحرم إنشاؤه بعد الزوال . وهل يجوز بعد الفجر وقبل الزوال ؟ قولان . قال في القديم
وحرملة : يجوز . وفي الجديد : لا يجوز ، وهو الأظهر عند العراقيين . وقيل : يجوز قولا واحدا . هذا في السفر المباح . أما الطاعة واجبا كان كالحج ، أو مندوبا ، فلا يجوز بعد الزوال ، وأما قبله ، فقطع كثير من أئمتنا بجوازه . ومقتضى كلام العراقيين ، أنه على الخلاف كالمباح . وحيث قلنا : يحرم ، فله شرطان .
أحدهما : أن لا ينقطع عن الرفقة ، ولا يناله ضرر في تخلفه للجمعة . فإن انقطع ، وفات سفره بذلك ، أو ناله ضرر ، فله الخروج بعد الزوال بلا خلاف .
[ ص: 39 ] كذا قاله الأصحاب . وقال الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=11972أبو حاتم القزويني : في جوازه بعد الزوال لخوف الانقطاع عن الرفقة ، وجهان .
الشرط الثاني : أن لا يمكنه صلاة الجمعة في منزله ، أو طريقه . فإن أمكنت ، فلا منع بحال .
قلت : تحريم السفر المباح ، والطاعة قبل الزوال ، وحيث حرمناه بعد الزوال ، فسافر ، كان عاصيا ، فلا يترخص ما لم تفت الجمعة . ثم حيث كان فواتها ، يكون ابتداء سفره ، قاله القاضي حسين ، وصاحب ( التهذيب ) وهو ظاهر . - والله أعلم - .
فرع
المعذورون في ترك الجمعة ، ضربان .
أحدهما : يتوقع زوال عذره ، كالعبد ، والمريض يتوقع الخفة ، فيستحب له تأخير الظهر إلى اليأس من إدراك الجمعة ، لاحتمال تمكنه منها . ويحصل اليأس برفع الإمام رأسه من الركوع الثاني على الصحيح . وعلى الشاذ : يراعى تصور الإدراك في حق كل واحد ، فإذا كان منزله بعيدا ، فانتهى الوقت إلى حد لو أخذ في السعي لم يدرك الجمعة ، حصل الفوات في حقه .
الضرب الثاني : من لا يرجو زوال عذره كالمرأة ، والزمن ، فالأولى أن يصلي الظهر في أول الوقت ، لفضيلة الأولية .
قلت : هذا اختيار أصحابنا الخراسانيين ، وهو الأصح . وقال العراقيون : هذا الضرب كالأول ، فيستحب لهم تأخير الظهر ، لأن الجمعة صلاة الكاملين فقدمت .
والاختيار التوسط . فيقال : إن كان هذا الشخص جازما بأنه لا يحضر الجمعة
[ ص: 40 ] وإن تمكن منها ، استحب تقديم الظهر . وإن كان لو تمكن ، أو نشط حضرها ، استحب التأخير ، كالضرب الأول . - والله أعلم - .
وإذا اجتمع معذورون ، استحب لهم الجماعة في ظهرهم على الأصح . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - : واستحب لهم إخفاء الجماعة لئلا يتهموا . قال الأصحاب : هذا إذا كان عذرهم خفيا ، فإن كان ظاهرا ، فلا تهمة . ومنهم من استحب الإخفاء مطلقا . ثم إذا
صلى المعذور الظهر قبل فوات الجمعة ، صحت ظهره . فلو
زال عذره وتمكن من الجمعة ، لم تلزمه ، إلا في الخنثى إذا صلى الظهر ، ثم بان رجلا ، وتمكن من الجمعة ، فتلزمه . والمستحب لهؤلاء ،
حضور الجمعة بعد فعلهم الظهر . فإن صلوا الجمعة ، ففرضهم الظهر على الأظهر .
وعلى الثاني : يحتسب الله تعالى بما شاء . أما إذا زال العذر في أثناء الظهر ، فقال
القفال : هو كرؤية المتيمم الماء في الصلاة . وهذا يقتضي خلافا في بطلان الظهر ، كالخلاف في بطلان صلاة المتيمم . وذكر الشيخ
أبو محمد وجهين هنا . والمذهب ، استمرار صحة الظهر . وهذا الخلاف ، تفريع على إبطال ظهر غير المعذور إذا صلاها قبل فوات وقت الجمعة . فإن لم نبطلها ، فالمعذور أولى .