[ ص: 34 ] الباب الثاني
فيمن تلزمه الجمعة
لوجوبها : خمسة شروط
أحدها : التكليف ، فلا جمعة على صبي ولا مجنون .
قلت : والمغمى عليه ، كالمجنون ، بخلاف السكران ، فإنه يلزمه قضاؤها ظهرا كغيرها . - والله أعلم - .
الثاني : الحرية ، فلا جمعة على عبد قن ، أو مدبر ، أو مكاتب .
قلت : ويستحب إذا أذن السيد حضورها ، ولا يجب . - والله أعلم - .
الثالث : الذكورة ، فلا جمعة على امرأة ولا خنثى .
الرابع : الإقامة ، فلا جمعة على مسافر ، لكن يستحب له ، وللعبد ، وللصبي ، حضورها إذا أمكن .
الخامس : الصحة ، فلا جمعة على مريض ، ولو فاتت بتخلفه لنقصان العدد . ثم من لا تجب عليه ، لا تنعقد به إلا المريض . وفيه أيضا قول شاذ ، قدمناه في الشرط الرابع للجمعة . وفي معنى المرض ، أعذار تأتي قريبا - إن شاء الله تعالى - ، ولكن تنعقد لجميعهم ، ويجزيهم عن الظهر إلا المجنون فلا يصح فعله . ثم إذا حضر الصبيان والنساء ، والعبيد ، والمسافرون الجامع ، فلهم الانصراف ، ويصلون الظهر . وخرج صاحب ( التلخيص ) وجها في العبد ، أنه يلزمه الجمعة إذا حضر . وقال في ( النهاية ) : وهذا غلط باتفاق الأصحاب . فأما . وقال [ ص: 35 ] إمام الحرمين : إن حضر قبل الوقت ، فله الانصراف ، وإن دخل الوقت وقامت الصلاة ، لزمته الجمعة . فإن كان يتخلل زمن بين دخول الوقت ، والصلاة ، فإن لم يلحقه مزيد مشقة في الانتظار ، لزمه ، وإلا فلا ، وهذا التفصيل حسن ، ولا يبعد أن يكون كلام المطلقين منزلا عليه . وألحقوا بالمرضى المريض ، فقد أطلق كثيرون أنه لا يجوز له الانصراف بعد حضوره ، بل تلزمه الجمعة . ولا يبعد أن يكونوا على التفصيل المذكور أيضا ، إن لم يزد ضرر المعذور بالصبر إلى إقامة الجمعة ، فالأمر كذلك ، وإلا فله الانصراف وإقامة الظهر في منزله . هذا كله إذا لم يشرعوا في الجمعة ، فإن أصحاب الأعذار الملحقة بالمرض ، وقالوا : إذا حضروا ، لزمتهم الجمعة ، قال في ( البيان ) : لا يجوز ذلك للمسافر والمريض ، وفي العبد والمرأة وجهان حكاهما أحرم الذين لا تلزمهم الجمعة بالجمعة ، ثم أرادوا الانصراف الصيمري .
قلت : الأصح ، أنه لا يجوز لهما ، لأن صلاتهما انعقدت عن فرضهما ، فيتعين إتمامها . وقد قدمنا أن من دخل في فرض لأول الوقت ، لزمه إتمامه على المذهب والمنصوص ، فهنا أولى . - والله أعلم - .