[ ص: 201 ] كتاب القسمة قد يتولاها الشركاء بأنفسهم أو منصوب للقاضي أو لهم ، ويشترط في منصوب القاضي الحرية والعدالة ، والتكليف والذكورة ، والعلم بالمساحة والحساب ، وهل يشترط معرفته للتقويم ؟ وجهان ؛ لأن في أنواع القسمة ما يحتاج إليه ، ولا يشترط في منصوب الشركاء العدالة والحرية ؛ لأنه وكيل لهم ، كذا أطلقوه . وينبغي أن يكون في توكيل العبد في القسمة الخلاف في توكيله في البيع .
ولو
حكم الشركاء رجلا ليقسم بينهم ، فهو على القولين في التحكيم ، فإن جوزناه ، فهو كمنصوب القاضي ، فإن كان في سهم المصالح مال يتفرع لمؤنة القاسمين ، لزم الإمام أن ينصب في كل بلد قاسما ، فإن لم تحصل الكفاية بواحد ، زاد بحسب الحاجة ، وإلا فلا يعين قاسما لئلا يغالي في الأجرة ، ولئلا يواطئه بعضهم ، فيحيف ، بل يدع الناس ليستأجروا من شاءوا ، وإذا لم تكن في القسمة تقويم ، كفى قاسم على المذهب ، وقيل قولان ثانيهما يشترط اثنان ، وإن كان تقويم ، اشترط اثنان ، وللإمام أن ينصب قاسما ، لجعله حاكما في التقويم ، ويعتمد في التقويم عدلين ، وهل للقاضي أن يحكم بمعرفته في التقويم ؟ قولان ، كقضائه بعلمه ، وقيل : لا يجوز قطعا ؛ لأنه تخمين مجرد ، ولو فوض الشركاء القسمة إلى واحد بالتراضي ، جاز قطعا .
[ ص: 202 ] فرع
القاسم المنصوب من جهة الإمام يدر رزقه من بيت المال على الصحيح ، وبه قطع الجمهور . وقال
أبو إسحاق : لا يدر ، وهذا ضعيف . وإذا لم يكف مؤنته من بيت المال ، فأجرته على الشركاء ، سواء طلب جميعهم القسمة أم بعضهم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان وغيره : على الطالب وحده ، والصحيح الأول ، ثم إن استأجر الشركاء قاسما ، وسموا له أجرة ، وأطلقوا ، فتلك الأجرة توزع على قدر الحصص على المذهب ، وقيل قولان ثانيهما على عدد الرءوس ، ويجري الطريقان فيما لو استأجروه استئجارا فاسدا ، فقسم ، أن أجرة المثل كيف توزع ؟ وفيما لو أمروا قاسما فقسم ، ولم يذكروا أجرة ، وقلنا : تجب أجرة المثل في مثل ذلك ، وفيما لو أمر القاضي قاسما فقسم قسم إجبار .
ولو
استأجروا قاسما ، وسمى كل واحد أجرة التزمها ، فله على كل واحد ما التزم ، هذا إذا استأجروا جميعا بأن قالوا : استأجرناك لتقسم بيننا كذا بدينار على فلان ، ودينارين على فلان مثلا أو وكلوا وكيلا عقد لهم كذلك ، فلو استأجروا في عقود مترتبة ، فعقد واحد لإفراز نصيبه ، ثم الثاني كذلك ، ثم الثالث ، فقد جوزه
القاضي حسين ، وأنكره الإمام ، وقال : هذا بناء على أنه يجوز استقلال بعض الشركاء باستئجار القاسم لإفراز نصيبه ، ولا سبيل إليه ؛ لأن إفراز نصيبه لا يمكن إلا بالتصرف في نصيب الآخرين ترددا وتقريرا ولا سبيل إليه إلا برضاهم ، لكن يجوز انفراد أحدهم برضى الباقين فيكون أصلا ووكيلا ولا حاجة إلى عقد الباقين ، وحينئذ إن فصل ما على كل واحد بالتراضي ، فذاك ، وإن أطلق ، عاد الخلاف في كيفية التوزيع .
[ ص: 203 ] فرع
إذا كان أحد الشريكين طفلا ، نظر إن كان في القسمة غبطة له ، فعلى الولي طلب القسمة ، وبدل حصته من الأجرة من مال الطفل وإلا فلا يطلبها ، وإن طلبها الشريك الآخر وأجيب ، فإن قلنا : الأجرة على الطالب خاصة ، فذاك ، وإن قلنا : على الجميع ، فوجهان ، أحدهما : على الطالب لئلا يجحف بالصبي بلا غبطة ، وأصحهما تؤخذ حصة الصبي من ماله .