الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في مسائل منثورة

                                                                                                                                                                        كتاب قاضي البغاة مقبول على المشهور ، وعن القديم منعه ، أطلق بعضهم أنه لا يجوز للقاضي أن يكتب كتابا في غير محل ولايته ، والذي يستمر على أصل الشافعي - رحمه الله - ما ذكره ابن القاص أنه لا يحكم ولا يشهر في غير محل ولايته ، وأما الكتاب ، فلا بأس به . ولو حكم القاضي ببينة أقامها وكيل رجل في وجه وكيل آخر ، فحضر المدعى عليه ، وقال : كنت عزلت وكيلي قبل قيام البينة ، لم ينفعه ؛ لأن القضاء على الغائب جائز . ولو حضر المدعي ، وقال : كنت عزلت وكيلي ، وقلنا بانعزال الوكيل قبل بلوغ الخبر ، لم يصح الحكم ؛ لأن القضاء للغائب باطل .

                                                                                                                                                                        وإذا أراد شهود كتاب ، حكمي التخلف في الطريق في موضع فيه قاض وشهود ، فصاحب الكتاب إما أن يشهد على كل واحد منهم شاهدين يحضران معه ويشهدان عند القاضي الذي يقصده ، وإما أن يعرض الكتاب على قاضي البلد الذي يتخلفون فيه ، ليشهدوا عنده به ، فيضمنه ، ويكتب به إلى القاضي الذي يقصده .

                                                                                                                                                                        وإن كان التخلف حيث لا قاض ولا شهود ، قال البغوي : ليس لهم ذلك ، بل عليهم الخروج إلى موضع فيه قاض وشهود ، فإن طلبوا أجرة الخروج إليه ، فليس لهم إلا نفقتهم ، وكذا دوابهم بخلاف ما لو طلبوا أكثر من ذلك [ ص: 200 ] عند ابتداء الخروج من بلد القاضي الكاتب ، حيث لا يكلفون الخروج ، والقناعة به ؛ لأن هناك يتمكن من إشهاد غيرهم ، وإذا ألزم المكتوب إليه الخصم بالحق ، فطلب أن يكتب له كتابا بقبضه ، فهل على القاضي إجابته ؟ وجهان ، قال الاصطخري : نعم ، لئلا يطالب مرة أخرى ، وقال الجمهور : لا ؛ لأن الحاكم إنما يطالب بإلزام ما حكم به ، وثبت عنده ، ويكفي للاحتياط إشهاد المدعي على قبضه الحق . ولو طالبه بتسليم الكتاب الذي ثبت الحق به ، لم يلزمه دفعه إليه ، وكذا من له كتاب بدين ، واستوفاه ، أو بعقار فباعه ، لا يلزمه دفعه إلى المستوفى منه ، وإلى المشتري ؛ لأنه ملكه ، ولأنه قد يظهر استحقاق فيحتاج إليه ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية