فصل
حجة الإسلام في حق من يتأهل لها تقدم على حجة القضاء .
وصورة اجتماعهما أن يفسد العبد حجه ، ثم يعتق فعليه القضاء ، ولا تجزئه عن حجة الإسلام . وتقدم أيضا حجة الإسلام على النذر . فلو
اجتمعت حجة الإسلام ، والقضاء ، والنذر ، قدمت حجة الإسلام ، ثم القضاء ، ثم النذر . وأشار الإمام إلى تردد في تقديم القضاء على النذر .
والمذهب : ما قدمناه . ومن عليه حجة الإسلام ، أو قضاء ، أو نذر لا يجوز أن يحج عن غيره . فلو قدم ما يجب تأخيره لغت نيته ، ووقع على الترتيب المذكور .
والعمرة ، إذا أوجبناها ، كالحج في جميع ذلك . ولو
استأجر المعضوب من يحج عن نذره ، وعليه حجة الإسلام ، فنوى الأجير النذر ، وقع عن حجة الإسلام . ولو استأجر أجيرا لم يحج عن نفسه ، فنوى الحج عن المستأجر ، لغت نيته ، ووقع الحج عن الأجير . ولو
نذر من لم يحج أن يحج في هذه السنة ، ففعل ، وقع عن حجة الإسلام ، وخرج عن نذره ، وليس في نذره إلا تعجيل ما كان له
[ ص: 35 ] تأخيره .
ولو استؤجر من لم يحج للحج في الذمة جاز ، وطريقه : أن يحج عن نفسه ، ثم عن المستأجر . وإجارة العين باطلة ؛ لأنها تتعين للسنة الأولى . فإذا بطلت نظر إن ظنه حج فبان أنه لم يحج ، لم يستحق أجره ، لتغريره ، وإن علم أنه لم يحج وقال : يجوز في اعتقادي أن يحج عن غيره من لم يحج ، فحج الأجير وقع عن نفسه . وفي استحقاقه أجرة المثل قولان ، أو وجهان تقدمت نظائرهما . أما إذا
استأجر للحج من حج ولم يعتمر ، أو للعمرة من اعتمر ولم يحج ، فقرن الأجير وأحرم بالنسكين عن المستأجر ، أو أحرم بما استؤجر له عن المستأجر ، وبالآخر عن نفسه ، فقولان . الجديد : أنهما يقعان عن الأجير ؛ لأن نسكي القران لا يفترقان لاتحاد الإحرام ، ولا يمكن صرف ما لم يأمر به المستأجر إليه .
والثاني : أن ما استؤجر له يقع عن المستأجر ، والآخر عن الأجير . ولو
استأجر رجلان شخصا ، أحدهما : ليحج عنه ، والآخر ليعتمر عنه ، فقرن عنهما ، فعلى الجديد : يقعان عن الأجير .
وعلى الثاني : يقع عن كل واحد ما استأجر له . ولو
استأجر المعضأحروب رجلين ليحجا عنه في سنة واحدة ، أحدهما حجة الإسلام ، والآخر حجة قضاء أو نذر ، فوجهان . أصحهما : يجوز وهو المنصوص في " الأم " ؛ لأن غير حجة الإسلام لم تتقدم عليها .
والثاني : لا يجوز . فعلى الثاني : إن أحرم الأجيران معا ، انصرف إحرامهما إلى أنفسهما . وإن سبق إحرام أحدهما وقع ذلك عن حجة الإسلام عن المستأجر ، وانصرف إحرام الآخر إلى نفسه .
[ ص: 36 ] فرع
لو
أحرم الأجير عن المستأجر ، ثم نذر حجا ، نظر إن نذره بعد الوقوف ، لم ينصرف حجه إليه ، بل يقع عن المستأجر . وإن نذر قبله فوجهان . أصحهما : انصرافه إلى الأجير . ولو أحرم الرجل بحج تطوع ، ثم نذر حجا بعد الوقوف ، لم ينصرف إليه . وقبل الوقوف ، على الوجهين .
فرع
لو
استأجر المعضوب من يحج عنه تلك السنة ، فأحرم الأجير عن نفسه تطوعا ، فوجهان . قال الشيخ
أبو محمد : ينصرف إلى المستأجر . وقال سائر الأصحاب : يقع تطوعا للأجير .
قلت : لو
حج بمال مغصوب أو نحوه ، أجزأه الحج وإن كان عاصيا بالغصب . ولو كان يجن ويفيق ، فإن كانت مدة إفاقته يتمكن فيها من الحج ، ووجدت الشرائط الباقية ، وجب عليه الحج ، وإلا فلا .
وإذا كان
عليه دين حال لا يفضل عنه ما يحج به ، فقال صاحب الدين ، أمهلتك به إلى ما بعد الحج ، لم يلزمه الحج . - والله أعلم - .