[ ص: 110 ] فرع
السنة أن يرفع يده عند الرمي ، وأن يرمي أيام التشريق مستقبل القبلة ، ويوم النحر مستدبرها ، وأن يكون نازلا في رمي اليومين الأولين ، وراكبا في اليوم الأخير ، فيرمي وينفر عقيبه كما أنه يوم النحر يرمي ، ثم ينزل ، هكذا قاله الجمهور . ونص عليه في " الإملاء " . وفي " التتمة " : أن الصحيح ترك الركوب في الأيام الثلاثة .
قلت : هذا الذي في " التتمة " ليس بشيء والصواب : ما تقدم . وأما جزم
الرافعي ، بأنه يستدبر القبلة يوم النحر ، فهو وجه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14847الشيخ أبو حامد وغيره . ولنا وجه : أنه يستقبلها . والصحيح : أنه يجعل القبلة على يساره ،
وعرفات على يمينه ، ويستقبل الجمرة ، فقد ثبتت فيه السنة الصحيحة . - والله أعلم - .
والسنة إذا رمى الأولى أن يتقدم قليلا بحيث لا يبلغه حصى الرامين ، فيقف مستقبلا القبلة ، ويدعو ، ويذكر الله تعالى طويلا قدر سورة ( البقرة ) وإذا رمى الجمرة الثانية فعل مثل ذلك ، ولا يقف إذا رمى الثالثة .
فرع
لو
ترك رمي بعض الأيام وقلنا : يتدارك ، فتدارك فلا دم عليه على المشهور . وفي قول : يجب دم مع التدارك ، كمن أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر ، يقضي ويفدي . ولو نفر يوم النحر ، أو يوم القر قبل أن يرمي ، ثم عاد
[ ص: 111 ] ورمى قبل الغروب ، أجزأه ولا دم . ولو فرض ذلك يوم النفر الأول ، فكذا على الأصح .
والثاني : يلزمه الدم ؛ لأن النفر في هذا اليوم جائز في الجملة ، فإذا نفر فيه ، خرج عن الحج ، فلا يسقط الدم بعوده . وحيث قلنا : لا يتدارك ، أو قلنا به ، فلم يتدارك وجب الدم ، وكم قدره ؟ فيه صور . فإن ترك رمي يوم النحر وأيام التشريق ، والصورة فيمن توجه عليه رمي اليوم الثالث ، فثلاثة أقوال أحدها : دم .
والثاني : دمان . والثالث : أربعة دماء ، وهذا الأخير أظهرها عند صاحب " التهذيب " . لكن مقتضى كلام الجمهور : ترجيح الأول . ولو
ترك رمي يوم النحر أو يوما من التشريق ، وجب دم . وإن
ترك رمي بعض يوم من التشريق ، ففيه طريقان .
أحدهما : الجمرات الثلاث كالشعرات الثلاث ، فلا يكمل الدم في بعضها . بل إن ترك جمرة ، ففيها الأقوال الثلاثة ، فيمن حلق شعرة . أظهرها : مد . والثاني : درهم . والثالث : ثلث دم . وإن ترك جمرتين ، فعلى هذا القياس .
وعلى هذا لو
ترك حصاة من جمرة ، قال صاحب " التقريب " : إن قلنا : في الجمرة ثلث دم ، ففي الحصاة جزء من أحد وعشرين جزءا من دم ، وإن قلنا : في الجمرة مد أو درهم ، فيحتمل أن نوجب سبع مد ، أو سبع درهم ، ويحتمل أن لا نبعضهما .
والطريق الثاني : يكمل الدم في وظيفة الجمرة الواحدة ، كما يكمل في جمرة النحر . وفي الحصاة والحصاتين الأقوال الثلاثة ، وهذا الخلاف في الحصاة ، أو الحصاتين ، من آخر أيام التشريق .
فأما لو تركها من الجمرة الأخيرة يوم القر ، أو النفر الأول ، ولم ينفر ، فإن قلنا : لا يجب الترتيب بين التدارك ورمي الوقت ، صح رميه ، لكنه ترك حصاة ، ففيه الخلاف ، وإلا ففيه الخلاف السابق في أن الرمي بنية اليوم ، هل يقع عن الماضي ؟ إن قلنا : نعم ، تم المتروك بما أتى به في اليوم الذي بعده ، لكنه يكون
[ ص: 112 ] تاركا للجمرة الأولى والثانية في ذلك اليوم ، فعليه دم . وإن قلنا : لا كان تاركا رمي حصاة ووظيفة يوم ، فعليه دم إن لم نفرد كل يوم بدم ، وإلا فعليه لوظيفة اليوم دم . وفي ما يجب لترك الحصاة الخلاف . وإن تركها من إحدى الجمرتين الأوليين من أول يوم كان فعليه دم ، لأن ما بعدها غير صحيح ، لوجوب الترتيب في المكان . هذا كله إذا ترك بعض يوم من التشريق ، فإن ترك بعض رمي النحر ، فقد ألحقه في " التهذيب " بما إذا ترك من الجمرة الأخيرة من اليوم الأخير .
وقال في " التتمة " : يلزمه دم ولو ترك حصاة ؛ لأنها من أسباب التحلل ، فإذا ترك شيئا منها ، لم يتحلل إلا ببدل كامل . وحكى في النهاية وجها غريبا ضعيفا : أن الدم يكمل في حصاة واحدة مطلقا .
فرع
قال في " التتمة " : لو
ترك ثلاث حصيات من جملة الأيام لم يعلم موضعها أخذ بالأسوأ ، وهو أنه ترك حصاة من يوم النحر ، وحصاة من الجمرة الأولى يوم القر ، وحصاة من الجمرة الثانية يوم النفر الأول . فإن لم نحسب ما يرميه بنية وظيفة اليوم عن الفائت ، فالحاصل ست حصيات من رمي يوم النحر ، سواء شرطنا الترتيب بين التدارك ورمي الوقت أم لا . وإن حسبناه ، فالحاصل رمي يوم النحر وأحد أيام التشريق لا غير ، سواء شرطنا الترتيب أم لا ، ودليله يعرف مما سبق من الأصول .