فرع
إذن المالك لغيره في البناء على ملكه ، قد يكون بغير عوض ، وهو الإعارة ، وقد يكون بعوض . فمن صوره ، أن
يكري أرضه ، أو رأس جداره ، أو سقفه مدة معلومة بأجرة معلومة ، فيجوز ، وسبيله سبيل سائر الإجارات . ومنها أن يأذن فيه بصيغة البيع ، ويبين الثمن ، وهو صحيح ، خلافا
للمزني - رحمه الله - . ثم يتصور
[ ص: 220 ] ذلك بعبارتين . إحداهما : أن يبيع سطح البيت أو علوه للبناء عليه بثمن معلوم . والثانية : أن يبيع حق البناء على ملكه . والأولى هي عبارة
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه - وجماهير الأصحاب . والثانية : عبارة الإمام ،
nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي ، - رحمهما الله - تعالى . والأشبه : أن المراد منهما شيء واحد . ثم في حقيقة هذا العقد ، أوجه . أحدها أنه بيع ويملك المشتري به مواضع رءوس الجذوع . والثاني : أنه إجارة . وإنما لم يشرط تقدير المدة ؛ لأن العقد الوارد على المنفعة تتبع فيه الحاجة . فإذا اقتضت التأبيد أبد كالنكاح . وأصحهما : أنه ليس بيعا ولا إجارة محضين ، بل فيه شبههما ، لكونه على منفعة ، لكنها مؤبدة . فإذا قلنا : ليس بيعا ، فعقده بلفظ الإجارة ، ولم يتعرض لمدة ، انعقد أيضا على الأصح ، كما ينعقد بلفظ الصلح ؛ لأنه كما يوافق البيع في التأبيد ، يوافقها في المنفعة . وإذا جرت هذه المعاملة ، وبنى المشتري عليه ، لم يكن للبائع أن يكلفه النقص ليغرم له أرش النقض . ولو انهدم الجدار أو السقف بعد بناء المشتري عليه وإعادة مالكه ، فللمشتري إعادة البناء بتلك الآلات أو بمثلها . ولو انهدم قبل البناء ، فللمشتري البناء عليه إذا أعاده . وهل يجبره على إعادته ؟ فيه الخلاف السابق . ولو هدم صاحب السفل أو غيره السفل قبل بناء المشتري ، فعلى الهادم قيمة حق البناء للمشتري ؛ لأنه حال بينه وبين حقه . فلو أعيد السفل ، استرد الهادم القيمة لزوال الحيلولة . ولو كان الهدم بعد البناء ، فالقياس أن يقال : إن قلنا : إن من هدم جدار غيره ، يلزمه إعادته ، لزمه إعادة السفل والعلو . وإن قلنا : عليه أرش النقص ، فعليه أرش نقص الآلات ، وقيمة حق البناء للحيلولة . وبالجملة لا ينفسخ هذا العقد بعارض هدم وانهدام ، لالتحاقه بالبيوع .
فرع
سواء جرى الإذن في البناء بعوض أو بغيره ، يجب بيان قدر الموضع المبني
[ ص: 221 ] عليه طولا وعرضا ، ويجب مع ذلك إن كان البناء على الجدار أو السطح ، بيان سمك البناء وطوله وعرضه ، وكون الجدران منضدة أو خالية الأجواف ، وكيفية السقف المحمول عليه ؛ لأن الغرض يختلف بذلك . وفي وجه : يكفي إطلاق ذكر البناء ، ويحمل على ما يحتمله المبني عليه ، ولا يشترط التعرض لوزن ما يبنيه على الصحيح ؛ لأن التعريف في كل شيء بحسبه . ولو كانت الآلات حاضرة ، أغنت مشاهدتها عن كل وصف . وإذا أذن في البناء على أرضه ، لم يجب ذكر سمك البناء وكيفيته على الصحيح ؛ لأن الأرض تحتمل كل شيء .