فإن ادعى بعضهم غلطا فيما تقاسموه بأنفسهم وأشهدوا على تراضيهم به ، لم يلتفت إليه ، وإن كان فيما قسمه قاسم الحاكم فعلى المدعي البينة ، وإلا فالقول قول المنكر مع يمينه ، وإن كان فيما قسمه قاسمهم الذي نصبوه ، وكان فيما اعتبرنا فيه الرضى بعد القرعة ، لم تسمع دعواه وإلا فهو كقاسم الحاكم ، وإن تقاسموا ثم استحق من حصة أحدهما شيء معين بطلت ، وإن كان شائعا فيهما فهل تبطل القسمة ؛ على وجهين ، وإذا اقتسما دارين قسمة تراض ، فبنى أحدهما في نصيبه ، ثم خرجت الدار مستحقة ، ونقض بناؤه رجع بنصف قيمته على شريكه ، وإن خرج في نصيب أحدهما عيب فله فسخ القسمة ، وإذا اقتسم الورثة العقار ، ثم ظهر على الميت دين ، فإن قلنا : هي إفراز حق ، لم تبطل القسمة وإن قلنا هي بيع انبنى على بيع التركة قبل قضاء الدين ، هل يجوز ؛ على وجهين .
وإن اقتسما ، فحصلت الطريق في نصيب أحدهما ، ولا منفذ للآخر بطلت القسمة .
ويجوز للأب والوصي قسم مال المولى عليه مع شريكه .
فصل .
( فإن ادعى بعضهم غلطا فيما تقاسموه بأنفسهم وأشهدوا على تراضيهم به ، لم يلتفت إليه ) ذكره الأصحاب ؛ لأنه قد رضي بذلك ، ورضاه بالزيادة في نصيب شريكه يلزمه ، وصحح المؤلف أنه تقبل ببينة عادلة ؛ لأن ما ادعاه محتمل ، فتنقض القسمة ، أشبه ما لو شهد عليه بقبض ثمن أو مسلم فيه ، ثم ادعى غلطا في كيله أو وزنه .
وقولهم : إن حقه في الزيادة سقط برضاه ، ممنوع ، فإنه إنما يسقط إذا علمه .
وفي " الرعاية " : أنه لا يقبل وإن أقام بينة ، إلا أن يكون مسترسلا مغبونا بما يسامح به عادة ، أو الثلث أو السدس على الخلاف ( وإن كان فيما قسمه قاسم الحاكم فعلى المدعي البينة ) لقوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=10340946فعلى المدعي البينة ( وإلا فالقول قول المنكر مع يمينه ) لقوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=2006180واليمين على من أنكر ولأن الظاهر الصحة وأداء الأمانة ، ولا يحلف القاسم ( وإن كان فيما قسمه قاسمهم الذي نصبوه ، وكان فيما اعتبرنا فيه الرضى بعد القرعة ، لم تسمع دعواه ) لأنه رضي بالقسمة ( وإلا فهو كقاسم الحاكم ) لأنه بمنزلته ، وكذا في " المستوعب " و " المحرر " و " الوجيز " . وقيل : إن قلنا : القسمة بيع ، أو كانت مع رد ، لم تسمع دعوى الغلط ، وإن قلنا : إفراز سمعت .
فرع : تقبل شهادة القاسم أن زيدا أخذ حقه ، وإن كان بجعل فلا . ذكره في [ ص: 140 ] " المستوعب " و " الرعاية " ( وإن تقاسموا ثم استحق من حصة أحدهما شيء معين بطلت ) القسمة ، ذكره في " المحرر " و " الوجيز " و " الفروع " ؛ لأنه تبين أن أحد المتقاسمين لم يأخذ حقه ، وكما لو فعلا ذلك مع علمهما بالحال ، وإن كان المستحق من الحصتين على السواء لم تبطل فيما بقي على الأشهر ، لأن الباقي مع كل واحد قدر حقه ، إلا أن يكون ضرر المستحق في نصيب أحدهما أكثر ، كسد طريقه أو مجرى مائه أو ضوئه ونحوه ، فيبطل لأن هذا يمنع التعديل .
وقيل : تبطل ؛ لأنه لم يتعين الباقي لكل واحد منهما في مقابلة ما بقي للآخر ( وإن كان شائعا فيهما فهل تبطل القسمة ؛ على وجهين ) :
أحدهما : تبطل ، قدمه في " المحرر " و " الفروع " ، وجزم به في " الكافي " و " الوجيز " ؛ لأن الثالث شريكهما لم يحضر ولم يأذن ، أشبه ما لو علماه .
والثاني : لا ، كما لو كان المستحق في نصيبهما على السواء ؛ لأنه يمكن بقاء حقه في يدهما جميعا مع بقائهما فيما عدا ذلك على ما كانا . وإذا ادعى كل منهما أن هذا من سهمي تحالفا ونقضت القسمة ( وإذا اقتسما دارين قسمة تراض ، فبنى أحدهما أو غرس في نصيبه ، ثم خرجت الدار مستحقة ونقص بناؤه ) وقلع غراسه رجع بنصف قيمته على شريكه ) لأن هذه القسمة بمنزلة البيع ؛ لأن الدارين لا يقتسمان قسمة إجبار ، وإنما هو بالتراضي ، ولو باعه نصف الدار رجع عليه بنصف ما غرم كذا هذا أو كذا في قسمة الإجبار إن قلنا هي بيع ، وإن قلنا [ ص: 141 ] إفراز فلا رجوع ؛ لأنه أفرز له حقه من حقه ولم يضمن له ما غرم فيه .
وأطلق في " التبصرة " رجوعه ، وفيه احتمال .
قال الشيخ تقي الدين : إذا لم يرجع حيث لا يكون بيعا فلا يرجع بالأجرة ولا بنصف قيمة الولد في الغرور ، إذا اقتسما الجواري أعيانا .
وعلى هذا فالذي لم يستحق شيئا من نصيبه يرجع الآخر عليه بما فوته من المنفعة هذه المدة ( وإن خرج في نصيب أحدهما عيب فله فسخ القسمة ) ذكره في " الرعاية " وغيرها ، إن كان جاهلا به ؛ لأن العيب نقص عن قدر حقه الخارج له ، فوجب أن يتمكن من فسخ القسمة استدراكا لما فاته . وله الإمساك مع أرش العيب ؛ لأنه نقص في نصيبه فكان له ذلك استدراكا لحقه الثابت كالمشتري .
قال في " الشرح " : ويحتمل أن تبطل القسمة ؛ لأن التعديل فيها شرط ، ولم يوجد بخلاف البيع ( وإذا اقتسم الورثة العقار ، ثم ظهر على الميت دين ، فإن قلنا : هي إفراز حق ، لم تبطل القسمة ) ذكره معظم أصحابنا ؛ لأن الدين يتعلق بالتركة بعد القسمة ، فلم يقع ضرر في حق أحد ، لكن إن امتنعوا من وفاء الدين بطلت ؛ لأن الدين مقدم على الميراث ، وإن امتنع بعضهم بطل في نصيبه وحده ، وفي " الكافي " في صحة القسمة وجهان ولم يفرق ، وبنى ذلك على أن الدين هل يمنع صحة التصرف في التركة ؛ فيه وجهان ( وإن قلنا هي بيع ) ذكر ابن عقيل [ ص: 142 ] أنه المذهب ( انبنى على بيع التركة قبل قضاء الدين ، هل يجوز ؛ على وجهين ) وحكاهما في " المحرر " وغيره ، روايتان .
الأصح : الجواز ؛ لأن العبد الجاني يتعلق برقبته حق المجني عليه ويتمكن مالكه من بيعه ، فكذا الوارث .
والثانية : لا ؛ لأن تعلق الدين بالعين يمنع التصرف فيها كالرهن .
تنبيه : تركة الميت يثبت فيها الملك لورثته ، سواء كان عليه دين أو لا ، نص عليه .
وقال الإصطخري : يمنع بقدره ، وأومأ إليه أحمد ؛ لأن الدين لم يثبت في ذمة الورثة فيجب أن يتعلق بالتركة .
والمذهب الأول ، بدليل أن الغريم لا يحلف على دين الميت ؛ لأن الدين محله الذمة ، وإنما يتعلق بالتركة ، فيتخير الوارث بين قضاء الدين منها أو من غيرها كالرهن والجاني ، ولا يلزمه نفقة الرقيق والنماء له ؛ لأنه نماء ملكه ، أشبه كسب الجاني ، وقيل : يتعلق به حق الغرماء كنماء الرهن .
فمن اختار الأول قال : تعلق حق الغرماء بالرهن آكد ؛ لأنه ثبت باختيار المالك ، ولهذا منع من التصرف فيه .
وعلى الأخرى : حكمه حكم التركة وما يحتاج إليه من المؤنة منها ، فإن تصرف الوارث فيها ببيع أو هبة ، فعلى المذهب : هو صحيح إن قضى الدين ، [ ص: 143 ] وإلا نقض تصرفه ، كما إذا تصرف السيد في الجاني ولم يؤد الجناية .
وعلى الثانية : تصرفه فاسد ؛ لأنه تصرف فيما لا يملكه .
وقال ابن حمدان : إن تعلق الدين بالتركة كتعلقه بالرهن ، لم يصح تصرف الوارث قبل الوفاء ، ولم يختص بالنماء ، وإن قلنا كتعلق الأرش بالجاني ـ وهو الأقيس ـ فيصح تصرفه ، ثم إن ظهر الدين فلربه الفسخ وأخذ دينه ، في الأصح ، والدين المستغرق وغيره سواء .
مسألة : إذا كان له شجر وعليه دين فأثمرت ، ومات ، فالثمرة إرث ولا يتعلق بها دين ، وفيها الزكاة إن قلنا تنتقل التركة مع الدين ، تعلق بها الدين ، وإن كان بعد وقت الوجوب ففي الزكاة روايتان ، وإن كان قبله ونقلنا التركة قبل وفاء الدين فكذا ، وإلا فلا .
وقال السامري : تبطل في حق كل وارث بقدر حصته من الثلث ، وفي الباقي وجهان ، وكذا إن أوصى أن يباع ثلثها ويصرف في جهة عينها ( وإذا اقتسما فحصلت الطريق في نصيب أحدهما ، ولا منفذ للآخر بطلت القسمة ) ذكره جماعة ، منهم صاحب " الوجيز " و " الفروع " ؛ لأن النصيب الذي لا طريق له لا قيمة له إلا قيمة ملكه ، فلم يحصل تعديل ، والقسمة تقتضيه ؛ لأن من شرط الإجبار على [ ص: 144 ] القسمة أن يأخذه كل منهما يمكن الانتفاع به ، لكن إن كان أخذه راضيا عالما بأنه لا طريق له جاز ، كما لو اشتراه .
قال الشيخ تقي الدين : وكذا طريق ماء ، ونصه : هو لهما ما لم يشترطا رده .
قال المؤلف : قياسه : جعل الطريق مثله في نصيب الآخر ، ما لم يشرط صرفها عنه ، ونقل أبو طالب في مجرى الماء : لا يغير مجرى الماء ولا يضر بهذا ، إلا أن يتكلف له النفقة حتى يصلح مسيله .
فرع : إذا كان لهما ظلة فوقعت في حق أحدهما ، فهي له بمقتضى العقد ، ذكره في " المحرر " و " الوجيز " وغيرهما ( ويجوز للأب والوصي قسم مال المولى عليه مع شريكه ) لأن القسمة إما بيع وإما إفراز حق ، وكلاهما يجوز لهما ، ولأن فيها مصلحة الصغير فجازت كالشراء ، ويجوز لهما قسمة التراضي من غير زيادة في العوض ؛ لأن فيه دفعا لضرر الشركة ، أشبه ما لو باعه لضرر الحاجة إلى قضاء الدين .
وفي " المحرر " و " الوجيز " : وولي المولى عليه في قسمة الإجبار بمنزلته ، وكذلك في قسمة التراضي إذا رآها مصلحة .