الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإسلام.. والمثقف المستنكف!

الإسلام.. والمثقف المستنكف!

الإسلام.. والمثقف المستنكف!

لماذا المثقف العربي وحده، من دون مثقفي العالم، الذى يستنكف أن "يمس الدين له طرفاً"، بل ويعتقد أنه كلما خلع "عمامة" الدين عن رأسه بات مرشحاً أكثر للإنعام عليه بلقب "المستنير" الأكبر؟!

نسأل .. بعد أن بلغ هذا "الاستنكاف" مبلغاً مثيراً بحق للاستفزاز. لا سيما وأن أية قراءة للأحداث تستند فى تأويلاتها إلى الدين، حتى وإن كانت حقاً باتت متهمة بـ"الغباء" تارة أو "الغيبية" تارة أخرى، ذلك إذا كان المثقف "المستنكف" متحلياً بالرقة والحنو، حال التعبير عن حنقه واستنكافه.

ولعل مبعث استفزازنا هنا يرجع إلى أن كياناً – هو في حقيقة وجوده "محمية غربية" وعلى مرمى حجر منا- باتت عنصريته الدينية هي مرجعيته ودستوره، حتى إنه يشترط على كل من يرغب في الهجرة إليه أن يكون "يهودياً"، ولم يتردّد في المجاهرة (بل والتباهي) بأن يُسمى في "وثيقة ميلاده" باسم نبي الله "إسرائيل"!

هذا الكيان الذي يضمر له العرب والمسلمون العداوة والبغضاء هو في تقديري، أعلى قامة وأكثر صدقاً مع نفسه من "المستنكف العربي"، الذي يسلق قومه بلسانه، كلما همّ القوم بالتدثر بدينهم.

وحسب الإسرائيليين صدقاً مع أنفسهم أنهم لم يجدوا أية غضاضة في أن يكون الدين – الذى يأبى المستنكفون العرب الاتشاح بوشاحه– هو مؤسسهم وإمامهم الذي يأتمون به.

وأما علوّ كعبهم، فقد حازوا عليه عن جدارة، بعد أن سقط المستنكفون العرب في مستنقع التحالف مع (أو السكوت عن) الفاشية العربية، ومافيا الفساد في المؤسسات الرسمية، ذلك لاستنكافهم من أن يكون الإسلاميون هم البديل الموضوعي لما هو قائم من فساد أو مشاريع سياسية رسمية.

لقد حسم المستنكفون انحيازهم لـ "الفاشية"...! لأن الديموقراطية، وما يلزمها من "اكسسوارات" ستأتي بحسب رأيهم بـ"القوى الرجعية"، وحسبنا ما كتبه الكاتب التقدمي الشهير في أسبوعية القاهرة تحت عنوان "نار المتخشبين - يقصد النظم التي شاخت على مقاعدها- ولا جنة الأصوليين".

إن فكرة تقدمية "هؤلاء المستنكفين أو استنارتهم أو ديموقراطيتهم باتت تحتاج إلى إعادة تفحّص، خاصة وأن تواتر مواقفهم المعادية للديموقراطية، ما عادت تبعث على الارتياح، وإنما تلقي في قلوبنا الرعب منهم.

كيف أصدقهم؟! وأنا أسمع أحدهم في فضائية الجزيرة القطرية – بعد إسدال الستار على قضية "الكشح" في مصر قضائياً- وهو يقول: "إن كان القضاء المصري لم يستطع أن ينصفنا (يقصد الأقباط).. فإن وزير الداخلية قادر على أن يحقق لنا هذا الإنصاف! هذه هي ديموقراطيتهم: العمل خارج الشرعية والقانون، فإذا لم يجد القاضي دلائل على إثبات "الإدانة" فإن قرارات الاعتقال جاهزة!

قاص وأديب مصري ذائع الصيت، فور عودته من تونس - قبل ثورتها- دبّج مقالة بجريدة "الأسبوع" المصرية المستقلة، أثنى فيها على "السلطات التونسية" لإنجازها بنجاح من النادر تكراره في أي بلد عربي آخر، مشروعها في القضاء على ظاهرة "حجاب السيدات" ولم يخف غبطته البالغة؛ لأنه لم ير -أثناء زيارته لتونس– امرأة واحدة ترتدي الحجاب! واعتبر ما شاهده دلالة على ولوج تونس عصر التنوير والديموقراطية!

وهكذا بات الاعتداء على الحريات الشخصية، عملاً تنويرياً، ولأول مرة نعلم أنه "إنجاز ديموقراطي" أيضاً.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

ثقافة و فكر

كيف نقف خلف اللغة العربية؟!

إنَّ المتتبِّعَ لكلِّ من كتَبَ عن وقائعِ أمَّتنا في العصْرِ الحديث، يدركُ أنَّ الأمَّةَ العربيَّةَ لم تَعرِفْ...المزيد