الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفصل بين الجنسين فى المدارس دعوة أوروبية ملحة

الفصل بين الجنسين فى المدارس دعوة أوروبية ملحة

يبدو أن المقولة التى سادت لعدة عقود فى الغرب، والتى اعتبرت المدارس الخاصة بالفتيات فقط مدارس لا تواكب العصر، قد بدأت فى التغير مؤخرًا ، بعد أن زاد اقتناع البعض بأن الفكرة ليست جيدة فقط لكنها ستؤدى لنتائج دراسية أفضل.

ففى دراسة عن كتاب فرنسى حديث تحت عنوان: «مصائد المدارس المختلطة» نشرتها صحيفة لاكسبريس الفرنسية أعلن عالم الاجتماع الفرنسى ميشال فيز - الباحث بالمركز القومى للدراسات الاجتماعية بفرنسا - أن الاختلاط فى المدارس الأوروبية لا يدعم المساواة بين الجنسين، ولا المساواة فى الفرص.

وقد صدرت الدراسة بعد تجربة اختلاط تعليمى دامت 45 عامًا فى فرنسا، وكشفت عن سوءات عملية الاختلاط فى الغرب، وبخاصة فرنسا، والتى شهدت ارتفاع معدلات الاعتداءات الجنسية ضد المراهقين داخل المؤسسات التعليمية ، فضلاً عن زيادة نسبة الرسوب التعليمى عند الأولاد، برغم تفضيلهم عن البنات فى المدارس بصورة تعلن عن عنصرية المعلمين أنفسهم.

الاختلاط .. وحقوق التعليم

ومن ثم فإن سياق الأحداث وتطوراتها فى فرنسا والغرب يثبتون عكس ما يقال من أنه طالما كان المجتمع مختلطًا وديموقراطيًا ، فإنه يجب أن يمثل ذلك فى المدارس.

ويشير ميشال فيز إلى أن الاختلاط ليس حقًا من حقوق التعليم، بل إنه كان من منطلق التعبير عن مبادئ المساواة فى الفرص ، واحترام حقوق المواطنة ، وإذا كان هذا المبدأ حقًا ، فلماذا لا نجبر فتياتنا على العمل فى ميكانيكا السيارات ؟

ويعلن المؤلف أنه يدعو لسياسة فصل تغير المجتمع إلى الأفضل خاصة فى ظل المعلومات التى حصل عليها حول تدنى مستوى التعليم ، وعدم قدرة الفتيات - فى ظل الاختلاط - على إثبات ذواتهن، ومشاكل الأولاد فى التحصيل اللغوى.

ويشير فيز إلى أن عملية الفصل لا تستدعى أن يعبر التلميذ أو التلميذة عن انتمائهما الدينى ، أو خصوصيتهما الفكرية، فالفصل هنا لا يعنى أننا سنلجأ إلى فتح مدارس لفتيات محجبات.

وقد أثارت هذه القضية التى اعتبرها العالم الغربى من قبل من المحرمات التى لا يجب الخوض فيها جدلاً كبيرًا، وفتحت الباب لمناقشات ساخنة حول مخاطر الاختلاط، وخاصة فى المدارس الإعدادية والثانوية، فى الغرب الأوروبى وأمريكا.

مشاكل شباب المدارس

كما سلطت صحيفة لاكسبريس - التى عرضت الكتاب - الضوء على عدد من المشكلات التى تواجه الشباب داخل المدارس، فمن بين 110 آلاف رسالة وصلت على الخط الساخن للشباب عام 2000 كانت هناك حوالى 4 آلاف رسالة أشارت لتعرض أصحابها لضغط جنسى داخل المدرسة، وقد شكل هذا العنف الجنسى نسبة 13،1% خلال العام الدراسى 2001 - 2002 من أشكال العنف الأخرى، فضلاً عن تعرض الفتيات للسب والمعاكسات الكلامية البذيئة، وخاصة فى المقاطعات التى تعانى مشكلات الفقر والحرمان والسكان النازحين.

مدارس للفتيات فقط

وأشارت المجلة فى حوارها مع مؤلف الكتاب إلى قضية الهجوم الإسلامى على الغرب متسائلة: إن كان ذلك الفصل يتماشى مع وجهة النظر الإسلامية، فهل سننتظر كثيرًا نحن كبلد علمانى حتى يتقدم الإسلام إلينا مهاجمًا ؟

فأجاب الكاتب : أنه منذ عام 2000، وفى عهد الرئيس «المتدين» جورج بوش بدأ القبول بفكرة إنشاء مدارس منفصلة بأمريكا، وكذلك فى كل من إنجلترا، والسويد، وفنلندا، وألمانيا؛ حيث يتم الفصل خاصة فى حصص المواد العلمية، أما فى فرنسا فقد كان التعليم الكاثوليكى أول من نادى بعملية الفصل، وإن كان ذلك فى مدارس خاصة بعيدًا عن التعليم الرسمى العلمانى .

وقد علق عدد من الخبراء التربويين على تلك الدراسة، وعلى الموضوع الذى تثيره فى وقت يشتعل فيه الهجوم الغربى على الإسلام والمسلمين فى العالم الغربى وأمريكا.

فتحت عنوان: «مدارس للفتيات فقط.. أحدث صيحة تعليمية فى بريطانيا» كتبت مجلة الإيكونوميست البريطانية موضوعًا جاء فيه أنه بعد فصل البنين عن البنات فى عدد من المدارس البريطانية الخاصة أظهرت نتائج الاختبارات التى تمت سنة 1997 أن 68% من التلاميذ حصلوا على درجات مرتفعة فى الاختبارات، بينما حقق (81%) من الأولاد، و(82%) من الفتيات ذات التقديرات المرتفعة سنة 2004 بعد عملية الفصل.

كما أشارت المجلة إلى أن الولايات المتحدة بدأت اعتبارًا من العام الدراسى الحالى (2004) تخفيف وتيسير القواعد التى حظرت فى السابق التعليم القائم على جنس واحد فى المدارس العامة.

فكرة المساواة

كما صرح وزير التربية والتعليم الفرنسى بضرورة احترام الجنسين فى مراحل التعليم المختلفة فى الوقت الذى أبرز فيه قمة التناقض بين دولته العلمانية، وبين هذا الكتاب، والنتائج التى صدرت عنه.

وأشارت إيزابيل كابيه - عضوة منظمة ميكس سيتى التربوية - إلى أن القضية الفعلية التى يجب مناقشتها هى فكرة المساواة ، وحق الانتخاب للمرأة ، والذى شُرع سنة 1848 لكن لم تمارسه المرأة غير عام 1945.

أما أنديره بلدان - سكرتير عام رابطة التعليم الكاثوليكى - فقال: إنه لابد من مواجهة حاسمة لقضية الاختلاط بالمدارس تجنبًا لمشكلات التحرش الجنسى.

بينما قالت مارى دوره - الباحثة التربوية: إن الخوف ليس من عملية الفصل، ولكن من تغيير المناهج بما يتلاءم مع مشكلات المجتمع ، فهذه هى المشكلات الحقيقية.

وفى تعليقها على عملية الفصل قالت دومينيك شنبير - مديرة مدارس التعليم العالى للعلوم الاجتماعية: إنه إذا كان يجب أن ندعو إلى وضع الفتاة إلى جانب الولد فى المدرسة ليكون ذلك أمرًا طبيعيًا؛ لأن المرأة تعمل بجانب الرجل فى المجتمع، فمن غير المنطقى أن لا نشير إلى الظلم الذى تتعرض له المرأة فى المجتمع، ومن هنا فإنها ترى أن المدرسة يجب أن تكون مكانًا لحماية الفتاة من الظلم الواقع عليها.

وأن على المدرسين أن يختاروا النظام الملائم لمصلحة الطلاب جميعًا، لكنها عادت وأشارت إلى تأثير الفكر الإسلامى وقدرته على التغلغل فى المجتمع الفرنسى لحسم هذه القضية، وهو ما يشكل مشكلة أخرى تحتاج لإعادة نظر.

وعمومًا فلم تخف الدراسة تخوفها من التدخل الإسلامى، فهم يدعون إلى مبادئ وأسس دعا إليها الإسلام قبل أن تقوم حضارتهم، ثم يبحثون عن مخرج لمشاكلهم بمواجهات لا فائدة منها، ويغفلون أن الإسلام تبنى أسلوبًا تربويًا عبقريًا يطبقون بعض تفاصيله اليوم.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة