الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ألم في الرأس والرقبة مع شعور بعدم الاتزان، فما تفسيره؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 30 عامًا، غير متزوجة، أعاني من ألم في رأسي لا يشبه الصداع العادي، أحيانًا أشعر بالألم في العظم من الجهة اليسرى الأمامية، وأحيانًا يكون أعمق، وكأنه في الداخل وليس في العظام، كذلك، أشعر بسخونة أو كأن هواءً دافئًا يخرج من مجرى أنفي وأذني، مما يُشعرني وكأنني أنزف، لكني لا أجد شيئًا فعليًا.

وفي بعض الأحيان، عندما أستيقظ من النوم، أشعر بسخونة داخلية في جسمي، بينما يكون جسدي باردًا من الخارج، كما ينتابني أحيانًا شعور بعدم الاتزان، وكأنه سيغمى عليّ، ويزداد هذا الشعور إذا ضحكت بشدة، فأشعر وكأنني على وشك فقدان الوعي.

في طفولتي تعرّضت لحادثة، حيث وقعت طاولة مدرسية من أعلى الدرج على رأسي، لكن لم يُغمَ عليّ، فقط نزفت وتم إسعافي، -والحمد لله- لم أحتج إلى البقاء في المستشفى، وأذكر، رغم أني غير متأكدة تمامًا، أنه قد ظهر لديّ شَطب في الرأس أو ما يُعرف بـ (كسر شعر)، لكن لا أملك تأكيدًا على هذه المعلومة، أيضاً إذا بكيت، وخاصةً عندما أكون مستلقية، أشعر بألم شديد في وسط الرقبة من الأمام.

وأشكركم على هذا الموقع الرائع والمفيد، وأسأل الله أن يجزيكم كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذه الأعراض التي تعانين منها، وبالصورة والكيفية التي ذكرتها، بالرغم من أنها تعطي الشعور بأنها ربما تكون ناتجة من مرض عضوي، إلا إنها في حقيقة الأمر ليست كذلك.

أعتقد أنها ناشئة من القلق، والقلق النفسي كثيرًا ما يؤدي إلى ما نسميه بالحالات النفسوجسدية، يعني أن الأعراض تكون أعراض جسدية، مثل: الانقباضات العضلية التي تؤدي إلى الألم، ويكون السبب الأساسي في ذلك هو القلق والتوتر النفسي الداخلي.

هنالك علة شائعة وسط الناس، وهي ما يعرف باضطراب القولون العصبي، وكلمة القولون العصبي أتت من العُصاب، وهذا المرض مزعج جدًا؛ لأنه كثير الانتشار ويؤدي إلى أعراض كثيرة، وهو ناتج حقيقة من تقلصات تحدث في القولون أو في المعدة، ويكون سببها قلق نفسي داخلي مثلًا.

وحين تأملت في هذه الأعراض التي ذكرتها، وجدت أنها ناتجة من انقباضات عضلية، خاصة هذا الألم أو ما يشبه الألم الذي ذكرته في الجانب الأيسر، إذا وضعناه في المسار الطبي لن نجد له تفسيرًا عضويًا أبدًا، لذا أرى أنه ناتج من القلق.

كما أن الإحساس بالسخونة أو شيء مثل الهواء الدافئ يخرج من مجرى الأنف، هذا ليس له تفسيرًا علميًا من الناحية العضوية، وهو نوع من الحساسية النفسية جعلتك تستشعرين وتحسين مثل هذه الأعراض.

وحتى قضية الإغماء مصاحب للضحك، نعم، هذا ناتج بالطبع من تغير فسيولوجي في الدورة الدموية، والجهاز العصبي، ولكن هذا التغير تغير حميد، ونلاحظه عند الناس الذين يعانون من القلق والحساسية لشخصياتهم.

فأنا أقول لك أن حالتك حالة بسيطة، وحتى لا أرى أنها تستدعي القيام بأي فحوصات: كالصور المقطعية، أو تخطيط الدماغ، أو شيء من هذا القبيل.

الحادثة التي حدثت لك في الطفولة أعتقد أنها قد انتهت من الناحية العضوية، ولكن ربما تكون قد تركت هذا الأثر النفسي، وهو أنه حين تحدث لك هذه التغيرات الجسدية، وتحاولين دائمًا ربطها بهذه الحادثة التي حدثت لك سابقًا.

أنا أعتقد أن الأمر يعالج حقيقة بالتجاهل، وأن لا تهتمي به أبدًا، وممارسة الرياضة تعتبر ضرورية جدًا، وهنالك تمارين نسميها بتمارين الاسترخاء، أرجو أن تركزي عليها، ولتطبيق هذه التمارين يمكنك أن تحصلي على شريط أو كتيب من أحد المكتبات، وهنالك مواقع كثيرة على شبكة الإنترنت توضح كيفية القيام بهذه التمارين، هذه التمارين -إن شاء الله- سوف تفيدك جدًا.

وواضح أن التوترات العضلية لديك كثيرة؛ لأن السؤال الثاني وهو الذي ذكرت فيه أنك إذا بكيت وكنت مستلقية تأتيك هذه الآلام وسط الرقبة من الأمام، هذا واضح أنه انقباض وتقلص عضلي وليس أكثر من ذلك، التوتر النفسي يتحول أحيانًا إلى توتر عضلي، وقد يصيب عضلات معينة في الجسم.

إذن ممارسة الرياضة وتمارين الاسترخاء، وتجاهل الأعراض، هو العلاج الرئيسي.

وأنصحك أن تطوري من حياتك، خاصة فيما يخص المهارات الاجتماعية والتواصل، وأن تديري وقتك بصورة جيدة، ولا شك أن الصلاة والذكر والدعاء وتلاوة القرآن معينات عظيمة جدًا، لأن يستقر الإنسان نفسيًا وجسديًا.

وحتى تكتمل الصورة -إن شاء الله- ونكون قد وفينا العلاج حقه، أرى سيكون مفيدًا لك أن تتناولي أحد الأدوية البسيطة التي نعطيها في حالات القلق المشابهة، الدواء يعرف تجاريًا باسم (فافرين Faverin)، ويعرف علميًا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، أرجو أن تتناوليه بجرعة صغيرة وهي خمسين مليجرامًا ليلًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقفي عن تناوله.

يفضل تناول الدواء بعد تناول الأكل، وهو من الأدوية البسيطة والجيدة والمحسنة للمزاج والمزيلة للقلق -إن شاء الله-، نسأل الله لك العافية، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً