الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من السفر بالطائرة..فهل من دواء إسعافي يفيدني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

خلال شهرين ونصف تقريبًا، سأكون مسافرًا إلى تركيا بالطائرة، ولكنني أواجه مشكلة كبيرة، وهي الخوف الشديد من السفر بالطائرة، الرحلة ستستغرق حوالي ثلاث ساعات ونصف، وهذا يسبب لي قلقًا كبيرًا.

السبب الأساسي في خوفي هو أنني لم يسبق لي السفر بالطائرة، وأجد صعوبة في التعود على فكرة أنني سأكون في ارتفاعات عالية، رغم أنني أحب السفر والسياحة، إلا أن الخوف والرهبة يقفان في طريقي، حتى أنه منذ ثلاث سنوات تزوجت ولم أتمكن من السفر بسبب هذا الخوف.

أتمنى منكم إرشادي إلى علاج أو مساعدة إسعافية؛ حيث سمعت عن دواء يُدعى "الزاناكس"، هل يمكنني استخدامه قبل السفر؟ وإذا كان ذلك ممكنًا، ما هي الجرعة المناسبة؟ وأيضًا: أود معرفة مدى فعاليته في التخلص من الخوف أثناء الطيران، وهل سيمنعني من الشعور بالرهبة طوال الرحلة؟

أرجو منكم إفادتي؛ حيث إنني في حاجة ماسة إلى العلاج.

وشكرًا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ... حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الخوف من السفر بالطائرة من المخاوف البسيطة، وهو في الغالب يكون قائمًا على نوع من سوء الفهم، أو يكون الإنسان قد مر بتجربة سابقة سلبية، أو قد سمع من أحد يتحدث عن حوادث الطائرات، أو سمع أخبارًا عن حوادث الطائرات، والذي أريد أن أصل إليه: أن الطائرات بصفة عامة من وسائل النقل المفيدة ولا شك في ذلك.

ثانيًا: أريدك أن تسأل نفسك: (كيف لا أسافر مثل بقية الناس، لماذا أحرم نفسي؟)، وعليك أن تسأل نفسك وتقول: (هؤلاء الذين صنعوا الطائرة واخترعوا هم بشر أمثالنا، وهم قد قاموا بهذا العبء الكبير وهذا الإبداع العظيم، ونحن بقي علينا فقط أن نستفيد منها، وأن نركبها)، لقد صنعوها بهذا الإبداع الجميل، وأصبحت مُسخّرة للبشر، وتطورت صناعتها كثيراً، وأصبح العالم كله ينتقل ويتواصل من خلالها، عبر الآلاف من الطائرات يومياً، فما الذي يجعلنا نخاف نحن من ركوبها؟! هذا الذي أرجوه منك، وهو أن تفكر على هذا الأساس، وهذا يساعدك كثيرًا.

ثالثًا: لو تذكر حين ظهر البركان في آيسلندا وظهرت معه السحابة الرمادية والتي عطلت سفر الطائرات، أنا شخصيًا تعجبت أن عدد الرحلات التي أُلغيت في أوروبا كانت ستة عشر ألف رحلة في يومين، لم أتخيل هذا العدد من السفريات، وبالرغم من ذلك -بفضل الله تعالى- لم نسمع عن أي حوادث إلا نادرًا، تخيل هذا! ستة عشر ألف رحلة، كل هذه تحمل الناس -ملايين الناس، فيا أخي يجب أن تحقر فكرة الخوف، هذا مهم وضروري، وتوكل على الله وأقدم على ركوب الطائرة.

وهناك أمر آخر: -أخي الكريم- دعاء السفر باعث على الطمأنينة، وأنا لي تجارب شخصية في هذا المقام، وأقول لك وبكل ثقة: إنك مجرد أن تدعو بدعاء السفر وأنت على كرسي الطائرة وأنت متيقن ومستشعر لعظمة هذا الدعاء سوف تنزل عليك الطمأنينة، فتخيل هذه الطائرة بكل إبداعها وجمالها حين تكون مقلعة وهي في نهاية المدرج، تأمل وقل: (بسم الله مجراها ومرساها) هذه طمأنينة كاملة، وأفضل لك من أي نوع من الحبوب، لا بد أن أكون صادقًا وواضحًا معك.

أنا أريدك أن تقتلع فكرة الخوف من نفسك، ويجب أن لا تراودك، نعم الإنسان قد يقلق بعض الشيء، وهذا قلق واجب، هذا القلق يساعدك في أن تربط الحزام، في أن تجلس الجلسة الصحيحة وأن تتبع إرشادات السلامة، في أن تعرف مخارج الطوارئ، هذا قلق مفيد وقلق جيد، ولكن ليس القلق الذي يمنعني من ركوب الطائرة، هذا هو الجزء الأول من الإجابة.

والجزء الثاني فيما يخص الأدوية، فتوجد أدوية جيدة وممتازة جدًّا وفعالة، وأنا أريدك أن تستعمل الأدوية التي تساعدك في التخلص من الخوف خاصة إذا طبقت الإرشادات السلوكية السابقة التي ذكرتها لك.

هنالك دواء يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات Seroxat)، ويسمى علميًا باسم (باروكستين Paroxetine)، أريدك أن تبدأ في تناوله بجرعة 10 مليجرام (نصف حبة) يوميًا، مساء بعد الأكل، لمدة 10 أيام، ثم ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، واستمر عليها يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة لنصف حبة يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم توقف عن تناول الدواء، لماذا الزيروكسات؟ الزيروكسات مزيل للقلق، ومزيل للمخاوف بصورة عامة، وهو غير إدماني وغير تعودي، ولا مانع بالطبع أن تستعمل معه الزناكس كدواء إسعافي، وإن كنتُ على قناعة كاملة أنك إن استعملت الزيروكسات من الآن، وطبقت الإرشاد السلوكي السابق لن تحتاج للزناكس، لكن لا بأس من أن أذكر لك كيفية تناول الزناكس.

الزناكس يفضل تناوله بجرعة ربع مليجرام ثلاث ليالٍ قبل السفر، وهذا دواء استرخائي يزيل الخوف، ولكنه يسبب النوم في بعض الأحيان، يفضل أن تجربه قبل السفر بثلاث ليال، وفي يوم السفر تناوله بجرعة ربع مليجرام ثلاث ساعات قبل إقلاع الطائرة، ولا بأس أيضًا أن تتناول الإندرال بجرعة 20 مليجرامًا ثلاث ساعات قبل إقلاع الطائرة.

هذه هي الأدوية الإسعافية التي لا بأس من استعمالها، لكن أريد أن أؤكد لك أن الطرق التي تحدثتُ عنها وشرحتها، وكذلك الزيروكسات إذا تناولته لا أعتقد أنك سوف تحتاج لهذه الأدوية الإسعافية، ولكن لا بأس أبدًا في تناولها بالطريقة والكيفية التي ذكرتها لك.

إذن أخي الكريم: الحلول كثيرة وموجودة، وتوكل على الله وسافر، وتصور هؤلاء الطيارين والمضيفين، الذين يسافرون آلاف الأميال يوميًا، ونحن لا توجد مقارنة بيننا وبينهم في هذا السفر والترحال اليومي، وقلَّ ما نسمع عن أي حوادث، نسأل الله لك سفرًا سعيدًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً