الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نقص الصفائح الدموية وعلاقتها بالحمل

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أم لطفلين، وُلد طفلي الأول في 5 مايو 2008، وبعد شهرين من الولادة بدأت تظهر لدي نقاط صغيرة على جسمي ولساني، فذهبت للطبيب، وتم إدخالي إلى المستشفى؛ حيث أجريت لي فحوصات كاملة، وكانت جميع تحاليل الدم سليمة، باستثناء نقص كبير في عدد الصفائح الدموية، فتناولت الكورتيزون لمدة ثلاثة أشهر.

بعد مرور ثلاثة أشهر اكتشفت أنني حامل بطفلي الثاني، فتوقفت عن تناول الكورتيزون، وخلال فترة الحمل كانت الصفائح الدموية لدي ضمن المستويات الطبيعية، ولم تنخفض.

أما بعد ولادة طفلي الثاني: في 11 أغسطس 2009، فقد انخفضت الصفائح الدموية مرة أخرى بعد شهرين من الولادة، وذلك في نفس توقيت ولادة طفلي الأول، لكنها كانت تخف، ففي المرة الأولى لم تظهر عليها بقع، بل كان هناك دم في البول، وليس من الرحم، وذهبت وأجريت تحاليل، فتبين أن الصفائح الدموية ناقصة، فرجعت إلى تناول الكورتيزون مرة أخرى، وأخذته لمدة شهر ثم توقفت عنه.

أنا الآن أقوم بعمل تحليل للصفائح كل 15 يومًا، وهي في المستوى الطبيعي حاليًا، وغالبًا ما تكون حوالي 200,000 ألف، علمًا بأني الآن أستخدم حبوب منع الحمل، ولا أتناول الكورتيزون، فهل يمكنكم إفادتي بإجابة لتطمئن نفسي؟

مع العلم أن أطفالي، بصحة جيدة، ولا يوجد لدينا أي أمراض وراثية أو مزمنة، مثل: الضغط أو السكري، مع العلم أنني أخذت الكورتيزون وريدياً لمدة 7 أيام، ثم استمريت بأقراص بجرعة 60 ملغ، وبدأت بتقليل الجرعة تدريجيًا بعد ذلك.

جزاكم الله خيرًا، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يبدو من وصف حالتك الصحية أنك تعانين مما يُعرف بنقص صفائح الدم المناعي؛ حيث يحدث اضطراب في جهاز المناعة، فيتكوّن في الجسم أجسام مضادة تهاجم صفائح الدم؛ مما يؤدي إلى نقص في عددها، هذا المرض يصنف ضمن أمراض المناعة الذاتية، التي يحدث فيها خلل في جهاز المناعة، لأسباب لا تزال مجهولة لدى الأطباء، ويُعتقد أن هناك استعدادًا وراثيًا، وفي هذه الحالة، يفقد الجسم القدرة على التمييز بين خلاياه الطبيعية، والخلايا الغريبة عنه، فيهاجم خلاياه السليمة والضرورية ويدمرها؛ مما يؤدي إلى ظهور أمراض مختلفة بحسب نوع الخلايا المستهدفة، وفي حالتك، تستهدف المناعة صفائح الدم.

يعتمد علاج الحالة على نوع الإصابة وشدتها، والعلاج بالكورتيزون الذي تم وصفه لك، هو علاج ممتاز ومتعارف عليه حالياً، ورغم فائدته ونتائجه المبهرة والسريعة في كثير من الحالات، إلا أنه لا يعالج المشكلة الأصلية بشكل دائم، والتي تتمثل في عدم قدرة الجسم على التمييز بين خلاياه وخلايا الجسم الغريبة عنه، بمعنى: أن سبب نقص الصفائح، وهو تكون أجسام مناعية مضادة، يبقى موجودًا، ويحدث له نوبات من التنشيط والتفعيل، يزداد خلالها إنتاج الأجسام المضادة التي تهاجم الصفائح، فينخفض عددها، ثم يهدأ المرض، وتخف الأعراض، فتعود الصفائح للارتفاع مرة أخرى.

من المعروف طبيًا أن كثيرًا من أمراض المناعة الذاتية، تتحسن وتخف خلال فترة الحمل، لذا ليس من المستغرب أن تعاودك الإصابة بعد الولادة، وليس أثناء الحمل، وذلك لأن الحمل يؤثر على الجسم بطريقة تشبه تأثير دواء الكورتيزون، وبقدرة الله وحكمته يقوم الجسم بتثبيط أو تهدئة الاستجابة المناعية تجاه الخلايا الغريبة عنه، ليتمكن من قبول الجنين في الرحم، والذي تحتوي خلاياه على نصف مكوناته الجينية القادمة من الأب، وهي غريبة عن جسم الأم.

هذه إحدى معجزات الخالق في خلقه، والتي لا يزال العلم عاجزًا عن فهمها، وكيفية حدوثها حتى الآن، فكيف يتم برمجة جسم الأم قبل الحمل ليقبل هذا الجنين ولا يرفضه، رغم أن نصف مكوناته الجينية غريبة عنه؟ ولماذا لا تهاجمه مناعة الأم؟ بل يحظى بحماية طبيعية ربانية، سبحان الله، وصدق الله عز وجل حيث قال في كتابه الكريم: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً}، والحقيقة أنه حتى الآن لا يوجد علاج شافٍ تمامًا لحالات اضطراب المناعة الذاتية، بل العلاج مؤقت وعَرَضي، ولا يمكن التنبؤ بموعد عودة الحالة أو شدتها.

لذا عليكِ بالمتابعة المستمرة مع طبيبة الباطنية، حتى لو لم تكوني تشعرين بأي أعراض، وإجراء الفحوصات الدورية لمعرفة تطور المرض وسيره، وتلقي العلاج اللازم قبل حدوث المضاعفات والمشاكل -لا قدر الله-.

نسأل الله عز وجل أن يديم عليكِ الصحة والعافية دائمًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً